كنت من دفعة المحظوظين كما كانوا يطلقون علينا بالمعهد العالى للسينما فى منتصف التسعينيات لسبب بسيط يكمن فى قبول الكاتب الكبير وحيد حامد التدريس لنا بمادة الورشة الإبداعية لقسم السيناريو الذى كان يضمنى أنا وأربع طالبات، منهن الزميلة العزيزة الكاتبة علا الشافعى، درس لنا الأستاذ وحيد السيناريو على مدار أربع سنوات، وكانت محاضراته لنا هى الأفضل والأمتع على الإطلاق، فمثلا لم تكن تلك المحاضرات بقاعة محاضرات قسم السيناريو بالمعهد بل كانت على ضفاف النيل تحديدا بفندق ميريديان القاهرة القديم على الطاولة التى كتب عليها هذا العملاق معظم أعماله، وكان لنا يوم أسبوعيا يدعونا فيه لمشاهدة فيلم بدور العرض، هذا فضلاً عن بعض الأبحاث التى كان يطلبها منا مثل ركوب الأتوبيس أو الجلوس مع شحاذ أو السفر إلى محافظة ما بالقطار إلخ..
صارت بيننا وبين الأستاذ وحيد حامد علاقة قوية جعلت المحاضرات أشبه بصالون ثقافى نستقى من خلاله كما لا بأس به من المعلومات ونتعرف فيه على وجهة نظر هذا الكاتب الكبير فى كثير من مجالات الحياة المختلفة من سياسة وأدب ودين وتاريخ وخلافه، وإحقاقاً للحق فإن هذه الجلسات وفرت علينا كثيرا من المعاناة والتخبط الذى قد يصيبنا فى تلك السن المبكرة من الشباب، انتهت الدراسة إلا أن علاقتنا بأستاذنا الجليل لم تنقطع بل زادت وتحول وحيد حامد من مجرد كاتب كبير يدرس السيناريو لمجموعة شباب إلى أب روحى ومرجع لأهم وأبسط أمور حياتنا، ومن هذا المنطلق أتيحت لنا فرصة للجلوس والتعارف على رواد طاولة الأستاذ وحيد من كبار مثقفى وفنانى الوطن العربى تلك الفرصة التى جعلتهم يطلقون على دفعتنا دفعة المحظوظين.
ذهبت إليه منذ ثلاث سنوات صباحاً لأحتسى معه كوبا من الشاى كعادتى وكان الجو باردا للغاية مما جعلنى أمسك الكوب بكفى لأشعر بالتدفئة وتجاذبنا أطراف الحديث فى أكثر من موضوع ولاحظت أنه يتابع قبضتى على الكوب وبعد لحظات من الصمت استطرد الأستاذ قائلا لى بالحرف: شايف انت ماسك الكوباية إزاى؟! فأجبته بالإيجاب فاستطرد: أهى البلد ممسوكة كدة بالضبط!! عارف أنا خايف الكوباية من كتر الضغط تنفجر وساعتها الدم هيبقى للركب!!، ثم صمت وشرد ناظرا إلى النيل عبر النافذة.
تنبأ وحيد حامد وصدق تنبؤه وانفجر الكوب وتناثر زجاجه وسالت الدماء ويا له من تنبؤ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حمام
النبوءة والتنبؤ على موائد سلاطين الجور والطغيان !!
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد حافظ
صدق الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عبد الحليم
بالله أنـــــــــا كــــــــــنـــــــــــت مــتـــنـــبــــــــــــــــــــــــــــئ
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدو
اه وحيد حامد وحضرتك وامثالك كتير من اللى كانوا سايبنهم يتكلموا فى حدود المسموح علشان يبان
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الاستاذ وحيد حامد كاتب كبير
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق صديق
مقال رائع ,,, بس شوف تعليقات الإخوان .