منذ سنوات لعبت مصر فى كأس العالم، ولأننى لا أتابع الكرة للأسف، وجدت تليفونى يرن بقوة وأصوات من بلاد عربية تهنئنى لأننا سجلنا هدفا فى شباك هولندا.. وقالوا لى إن هولندا فى قمة الكرة، ولم أكن أعرف، وبالطبع تابعت بقية المباراة، وأظن أننى نسيت كل شىء إلا شيئًا واحدًا حدث بعد المباراة، فلقد قام التليفزيون المصرى بحوار مع مدرب الفريق، وكان اللواء محمود الجوهرى، واهتممت بالحوار جدًا لسبب شخصى هو أننى كنت أعرف الجوهرى، ولا يصرخ فىّ أحدكم كما صرخ فى أولاد العائلة آنذاك: «تعرفه منين؟!»
ما أذكره جيدًا أن الشخص الذى كان وراء الجوهرى، يبدو عاملا أو موظفًا صغيرًا وكان شديد التركيز على الكاميرا بل أخذ - دون كلمة يجيب عن أسئلة المذيع!
هل كنت قلقا قبل المباراة؟
ويهز الرجل - الذى وراء الجوهرى - رأسه نافيًا، وفى الغالب تتطابق إجابة الرجل الصامتة مع إجابة الجوهرى، البعض غرق فى الضحك، ولكن معظم من تابعوا اللقاء أحسوا بغيظ شديد، إلى حد أن شابًا قال لى إنهم بعد اللقاء تجمعوا حوله وضربوه «علقة» لن ينساها، ولما قلت له إنه لا يمكن أن يحدث هذا فى بلد مثل هولندا، أكد لى أنه - الرجل وراء الجوهرى - ممدد الآن فى أحد المستشفيات، وأذكر فيلما لشارلى شابلن رأيته لمرة واحدة، وهى حالة استنائية فأنا أرى أفلام شابلن كلما استطعت، وفى أى لحظة أحب أن أرى فيلما له مثلما أستطيع أن أسمع أغنية لفيروز، وكان الفيلم معروضا فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى - عليه ألف رحمة - وكان ذلك فى أيام الراحل الكبير سعد الدين وهبة.
وكان شارلى - فى الفيلم - يحضر احتفالا جماهيريًا كبيرًا تغطيه كاميرات كثيرة، وكان يريد أن يظهر فى كل الصور، ولكن الكاميرات أحيانا تكون تحت الحراسة، فيطردونه، وهكذا تنقل من مكان إلى مكان، حتى اهتدى إلى حل بديع، وهو أن يقف مع الحراس يزيح الجماهير عن الكاميرات، ولكنه يلتفت خلسة ناحيتها.
لماذا هذا التوق الشديد إلى الكاميرا؟ ولماذا نرى بعض المحترمين الذين ما إن يروا الكاميرات حتى ينقلبوا ويندفعوا إليها فى شهوة واضحة؟!
هل هى النرجسية؟ بالتأكيد فالكاميرا والمرآة تجذبان النرجسيين وأحيانا غيرهم، ولكن هل القضية مجرد نرجسية؟
فى يوم الاثنين الماضى فاتنى لقاء لحسن المناخلى المتهم فى قضية خلية حزب الله فى إحدى الفضائيات، والمثير أن المناخلى كان هاربا منذ أحداث 25 يناير، ولكنه ذهب إلى الفضائية وهو يعلم بالتأكيد أنه سيقبض عليه فمنذ أن ظهر بدأت الشرطة فى رصده ومحاصرته، وكان فى مدينة الإنتاج الإعلامى حيث الحصار سهل.. وبالمناسبة عدد كبير من المحطات متجاورة هناك، حتى إن أحدهم قابلنى وأنا ذاهب لحديث عن الراحل الصديق أسامة أنور عكاشة، وقال إنه ينتظرنى لأنه عرف أننى سأكون فى المحطة الأخرى من كذا إلى كذا وأنه يدعونى للمشاركة فى برنامج كذا.
واعتذرت مستنكرًا، لكن ما قاله كان هو الواقع، وبعض «المزعجين» يعدّون على هواة الظهور على الشاشات مرات ظهورهم اليومية، ووصلوا إلى أن الظهور حتى أربع مرات شىء عادى، وأقسم لى أحدهم أنه سجل ست مرات لبعضهم.
وغيرهم حكى لى أنه أثناء حواره مع أحد الضيوف همسوا له فى السماعة أن الضيف يقول نفس الكلام فى محطة أخرى، واتضح أنهم قاموا بالتسجيل له.
أعود إلى حسن المناخلى لأتحدى أننى ربما ظلمته عندما وضعته بين عشاق الكاميرا، إذ قال إنه كان يريد إثبات براءته، وربما كان صادقًا، لكن هذا لا ينفى أن حزب عشاق الكاميرا هو أشهر الأحزاب، وأخشى أن أقول إنه أكبر الأحزاب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى بن العاص
ومن الكاميرا ما قتل
عدد الردود 0
بواسطة:
سراالليل@
كله محصل بعضه يا باشا