حنان حجاج

عجلة الفساد

الجمعة، 07 أكتوبر 2011 05:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه قصة ليست عن الثورة، لكن فى صميم الثورة هذه القصة عينة صغيرة جدا من جسد ديناصورى هائل تربى وترعرع تحت حكم الفساد والفاسدين الذين كانوا يحكموننا طوال ثلاثين سنة مضت.. القصة عن مستشفى صغير وبسيط، لكنه عظيم الفائدة لمئات الألوف من فقراء مصر الذين لا يملكون أحيانا عشرة جنيهات ثمن الكشف بالمستشفى، ويتم إعفاؤهم منها.
مستشفى جمعية «الشبان المسلمون» يقع فى مدينة حلوان، وبالتحديد فى ميدان محطة حلوان، وهو يتبع اسما جمعية «الشبان المسلمون»، ولكنه فى الواقع لا علاقة بينهما تماما، فالمستشفى يعتمد على موارده الذاتية والقليل من تبرعات أهل الخير.. هو واحد من ثلاثة مستشفيات فقط تقدم خدماتها لأكثر من مليون مواطن على مستوى مدينة حلوان وما حولها من مراكز وقرى شديدة الفقر والمرض، يتوافدون على المستشفى منذ الثامنة صباحا وحتى منتصف الليل.
فجأة اكتشف بعض محترفى النصب من عصابات الاستيلاء على الجمعيات الأهلية أنها تساوى ملايين بموقعها فى قلب ميدان المحطة ومساحتها التى تبلغ حوالى 2000 متر مربع مقسمة على أربعة طوابق، وبدأت القصة فى عام 2006 بأن استولى مجموعة من أعضاء تلك العصابة وهم من الموظفين السابقين ورجال أعمال صغار على مجلس الإدارة بعد تزوير انتخابات الجمعية العمومية بإضافة 60 اسما لأشخاص وهميين لكشوف الأعضاء الذين يبلغون حوالى 60 شخصا فقط، وذلك لضمان تحقيق الأغلبية لهم وهو ما تم بالفعل، وسيطروا تماما على المجلس ورئاسته، وكان أول مشروعات المجلس الذى تشكل كله من أبناء الشرقية وتقريبا من عائلة واحدة هو عملية تجديد للمستشفى الخيرى بعد أن اكتشف هؤلاء أن لدى المستشفى وديعة تزيد قليلا عن مليون جنيه، وبدأت عملية التجديد بتكلفة حوالى 750 ألف جنيه بزيادة عن الميزانية المقررة حوالى 300 ألف جنيه، وهو ما اكتشفه بعض أعضاء الجمعية العمومية من العاملين القدامى بالمستشفى وتقدموا ببلاغ به للنيابة ثم لوزير التضامن فيما بعد وهو الدكتور على مصيلحى، الذى تصادف أنه بلديات بعض أعضاء مجلس الإدارة، وبالتالى لم يتحرك أحد، بل بدأت عمليات البلطجة واستقدام عدد من المسجلين للاستيلاء على المستشفى وتأديب وطرد من تقدموا بالبلاغات، وظلت البلاغات والاستنجادات من ممارسات الفساد إلى أن وصلت لدرجة محاولة إغلاق المستشفى فى وجه المرضى، ونجحت فعلا فى إغلاق طابقين كاملين به خاصين بغرفتى العمليات وحجرات المرضى، ورغم ذلك جاء عام 2010 ودخلت فيه بعض الوجوه النظيفة فى التجديد النصفى، وبدأ الكشف عن وثائق تؤكد فساد المجلس السابق بما لا يدع مجالا للشك إلا أن أحدا لم يتحرك، وتآمر بعض موظفى وزارة التضامن بمكتب حلوان لتمرير الميزانيات الفاسدة للسنوات السابقة لتتحرك للمرة الثانية جحافل البلطجية المستأجرين للسيطرة على المستشفى، ولولا تطوع شباب حلوان لحمايتها لتم تخريبها بالكامل وطرد مرضى العيادة الخارجية التى ما زالت تناضل لتقديم خدماتها للفقراء.
بقى أن نعرف أن مستشفى «الشبان المسلمون» بحلوان ورغم أنه المستشفى الخيرى الوحيد فقد تعرض لكل تلك الأزمات وما زال، بينما كان لحلوان المحافظة – سابقا – اثنان من المحافظين ومديرية أمن ورجال حكم محلى ولم يفكر أحد منهم فى حماية المكان والتصدى لهؤلاء رغم كل الشكاوى والاستنجادات، ورغم أن لهذه العصابة سوابق فى ممارسة نفس عملية النصب، وجمعية أبناء الشرقية، التى كانت تقدم خدمات رائعة لأبناء حلوان فى التدريب المهنى، دمروها واستولوا على مواردها.
وتبقى حقيقة أخرى، جسد الفساد الضخم ما زال جاثما على صدورنا جميعا، فهل يجب أن نصدق الآن أن الثورة لم يتحقق من مطالبها شىء وعلى من يسألون ماذا فعلت لنا الثورة أن يصدقوا أن الثورة هى من تم تعطيلها وأن عجلة إنتاج الفساد القديمة ما زالت دائرة، ما دام الفاسدون كما هم - صغارا وكبارا - والفقراء ما يزالون يدفعون الثمن.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة