لا أشك فى أن هذا يوم سعد من أيام الثورة المصرية، تماما مثل يوم الاستفتاء ويوم محاكمة مبارك، فها هى الجماعة السلفية صاحبة الموقف الأكثر تشددا من المرأة تعلن أنها سترشح سيدات على مقاعد البرلمان، ما يعنى أن نساء الجماعة أصبحن مثل الرجال تماما، سيخضن الانتخابات ويعقدن الصفقات ويحاضرن فى الندوات، وسيكشفن عن وجوههن لينتخبهن الناخبون، وهو الشىء الذى أعتبره من أجمل إيجابيات الثورة التى أجبرت السلفيين على التراجع فى فتوى كانت أصدرتها العام المنصرم تقضى بعدم جواز ترشح المرأة لانتخابات مجلس الشعب، باعتبارها ناقصة عقل ودين، أما اليوم فقد رد إليها الجماعة عقلها المسلوب فى عقولهم، ودينها الناقص فى وجهة نظرهم!
التبرير «الشرعى» الذى ساقه الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس جماعة الدعوة السلفية، لفتوى جواز ترشح المرأة هو أن مفسدة وجود امرأة مسلمة فى قائمة حزبية أقل ضررا من مفسدة ترك مقاعد البرلمان لمن أطلق عليهم اسم «العلمانيون» و«أشباههم»، قائلا إنهم لو استحوذوا على أغلبية المقاعد فسيضعون دستورا علمانيا، خلاف الدستور الإسلامى الذى يريده هو، وأضاف: لو نظرتَ إلى المقارنة بين المفسدتين، لوجدتَ مفسدة وجود امرأة مسلمة على القائمة لا يمكن أن تقارن بالمفاسد الكبرى المذكورة، وبصرف النظر عن هذه الروح العدائية التخوينية فى تبرير الشيخ برهامى لهذه الفتوى، وبصرف النظر أيضا عن المغالطات التى ساقها وهى ادعاؤه أن التيار المدنى الذى يتخوف من حصوله على أغلبية مقاعد البرلمان سيضع دستورا علمانيا صرفا، فإن مجرد الاعتراف بقيمة المرأة وما سيترتب عليه، يعتبر خطوة كبيرة فى سبيل تحرير المرأة، أشبه بتلك الخطوة التى أقدمت عليها هدى شعرواى فى ثورة 1919 حينما انتزعت لبنات جنسها حق التظاهر، وألقت بيمينها ما يعوقها عن ممارسة هذا الحق، وهو السلوك الذى كان يذمه السلفيون قبل قليل.
فتحت فتوى الشيخ برهامى الباب لمناقشة قضية غاية فى الأهمية والخطورة، وطرح سؤال صعب على إخواننا السلفيين، هو: ما ماذا سيفعلون فى الحديث الشريف الذى كانوا يتمسكون بنصه دون النظر إلى ظروفه وملابساته وأمانة قائلة، وهو الحديث الذى يقول: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»؟ فهل سيؤمنون بالمنهج العقلى الذى يؤمن به المسلمون من دعاة الدولة المدنية والتنويريين الذى يقول إن هذا الحديث لا يأخذ بنصه، مؤكدين أن راوى الحديث «أبا بكرة» مشكوك فى صدقه، وأن سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أدانه وجلده لأنه أدلى بشهادة زور، ولذلك فإن الحديث مطعون فى صدقه وصحته؟
أكاد أشفق على شيوخ السلفية فى تبريرهم لموقفهم من هذا الحديث الشريف، وإنى أضعه أمامه طالبا منهم الفتوى، فمعروف أن مناسبة قول الحديث كما جاء فى الخبر هى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سأل أصحابه: من يلى أمر فارس؟ قالوا امرأة، فقال ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» ومعروف أيضا أن الحديث جاء فى صحيح البخارى، هل سيلقى السلفيون بالقداسة التى يفرضونها على صحيح البخارى الذى أورد هذا الحديث ويبدءون فى النظر إلى مضمون الأحاديث النبوية وظرفها الزمنى ومدى توافقها مع القرآن الكريم كما يطالب العلمانيون؟ وهل سيعتبرون أن مناسبة هذا الحديث جاءت فى ظرف زمنى معين لا يعمم حكمه على سائر الأزمان، كما يؤكد التنويريون؟ وهل سيعملون عقلهم ويقولون كما يقول التنويريون الذين يقرؤون الحديث فى ظرفه التاريخى ويزعمون أنه يفهم منه أنه «نبوءة» من الرسول بفشل سياسة الفرس على يد هذه المرأة التى عرفت بالميوعة واللّامسؤولية؟
أسئلة أعرف أنها صعبة لكنى فى انتظار الرد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamd
مقال رائع ................ ولكن ؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
القبيحه قبيحه حتي باحمر الشفاه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مصطفى
هو أنت متعرفش الفرق بين الولايه العامه وترشح للبرلمان
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله
ما علاقة الموضوع بالانقلاب على البخاري؟
عدد الردود 0
بواسطة:
motaz
ازاى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
ليس امامكم الا الحديث بالنار وقودها الناس والحجاره لتخويف الناس
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبد الوهاب
اجيبك ان شاء الله
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد صابر
بين الأمس واليوم
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو محمد
عليك ان تتعلم قبل ان تتكلم
عدد الردود 0
بواسطة:
فضيلة الشيخ نيكولا دي برناردو دي ماكيافيلّي
درء المفاسد مقدم على جلب المنافع والضرورات تبيح المحظورات والغاية تبرر الوسيلة