لا هم للمرشحين والأحزاب فى الانتخابات البرلمانية القادمة، إلا محاربة الأساليب الانتخابية القديمة التى أرسى قواعدها الحزب المنحل «الحزب الوطنى الديمقراطى»، والتى اعتمدت على التزوير والرشاوى الانتخابية والمال السياسى.. بالإضافة بالطبع للبلطجة.
ورغم المخاوف الشديدة من الانفلات الأمنى، فإن هناك شعورا جارفا بأن مسؤولية تأمين الانتخابات ليست فقط على عاتق الأمن والقوات المسلحة، وإنما هى مسؤولية كل المصريين الشرفاء، الحريصين على إجراء الانتخابات فى موعدها، لكى يكون لدينا برلمان يشرع ويصدر القوانين، ويراقب الحكومة، ولكى يكون لدينا برلمان يمثل الشعب المصرى تمثيلا حقيقيا.
مما يشجع على إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة، تجربة الاستفتاء، فقد سجلت المؤشرات على الاستفتاء الخاص بالتعديلات الدستورية، أنها تقترب من أربعين فى المائة، وهى نسبة عالية بالمقارنة بالنتائج السابقة للانتخابات، إلا أن المتوقع فى الانتخابات القادمة والتى ستبدأ أولى جولاتها يوم 28، أن يكون هناك إقبال غير مسبوق على صناديق الانتخابات، الأمر الذى دعا عددا من المرشحين والأحزاب السياسية لتقوم بطلب إجراء الانتخابات على يومين، حتى يتمكن الشعب المصرى من الإدلاء بصوته، ذلك أن أقصى تقدير للمشاركة وقدرة اللجان لاستيعاب المصوتين، لا يزيد على 35% فى اليوم الذى يبدأمن الثامنة صباحا وحتى انتهاء عملية التصويت، الأمر الذى يحرم آلاف المصريين من المشاركة.
إن تمكين المصريين من التصويت، ليس فقط داخل مصر، وإنما أيضا خارج مصر، يساعد على أن يكون البرلمان فعلا ممثلا لكل المصريين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفئوية والأيديولوجية والدينية.
فلا شك أن البرلمان القادم يحوز أهمية خاصة، فهو الذى سوف يختار لجنة وضع الدستور، ويناقش القوانين والتشريعات، ويعتمدها ويراقب أداء الحكومة، وينقل مصر وينتقل بها إلى الدولة الجديدة التى نتمناها وهى دولة حقوق الإنسان، ويختار النظام السياسى للدولة المصرية من بين ثلاثة أنظمة مطروحة، وهى النظام الرئاسى، والنظام البرلمانى، ونظام ثالث يجمع بين الاثنين، بحيث يكون لدينا رئيس جمهورية ،يهتم بالسياسة الخارجية، والأمن، والشؤون العسكرية، والدفاع، ورئيس حكومة يهتم بالبرلمان الداخلى، والسياسة الداخلية، ويحاسب أمام البرلمان.
لذلك هذا الاهتمام من الناخبين والمرشحين لهذه الانتخابات، لابد أن ينعكس على الإقبال على التصويت، لا سيما وأنه لا يزال البعض يراهن على أن يبيع بضاعة فاسدة، وهى شراء الأصوات، والإيهام بقدرة المال على شراء أصوات الناخبين بقطعة لحم، أو كيس به بعض السلع والاحتياجات الضرورية، ورسالتهم: بِع صوتك، واستفد بعشرين أو خمسين جنيها، ورسالتنا يجب أن تكون: لا تبع صوتك، واشتر وطننا يمنحك حقوقك بكرامة، ومن أهم المسؤوليات علينا كمواطنين أن نتصدى لكل من يعمل على الترويج لشراء الأصوات، أيا كانت حجتهم، ولا أنسى أن كل من دخل البرلمان عبر هذا الطريق، أساء للبلد وعمل فقط لمصالحه الخاصة التى انتهت إلى الإضرار الشديد بالدولة المصرية، بل إن الوضح الحالى الذى يقترب من الانهيار الاقتصادى، هو نتاج لسياسات هؤلاء ولولا الثورة المصرية لكانت مصر فى حالة انهيار تام.
الإقبال الكبير من الناخبين على الانتخابات، يجعل القدرة على شراء الأصوات شبه مستحيل بل غير مجدٍ.
وعلى اللجنة العليا للانتخابات ألا تتهاون مع المرشحين الذين يستخدمون المال والرشاوى الانتخابية، وأن تحقق فى البلاغات التى يتقدم بها ناخبون أو مرشحون ويكون القرار هو الشطب من القوائم فورا، يجب ألا يكون برلمان مصر بعد الثورة مكونا من هؤلاء الذين يتاجرون فى الوطن، ولا اتفق مع من يروج لمقولة: خد الرشاوى ولا تنتخبهم، هذه كانت نصيحة الرئيس المخلوع. والتى اعتبرت بمثابة تصريح بالفساد، لأن رئيس الدولة يجب أن يكون مع تطبيق القانون، وضد أى تحايل على القانون بل ويجب أن يتم التصدى لمثل هؤلاء.
لقد جربنا من قبل الذين أتوا واشتروا الأصوات، وحولوها إلى أموال فى البنوك، واقتسموا قرارات الدولة، وأراضيها.. لا نريد المال الكريه ياسادة، نريد دولة نبنيها لتكون لكل المصريين، نحصل على حقوقنا بكرامة وباختيارنا.