«ملثم» ينصرنا

كلما ألهتنا الأحداث يوما بعد الآخر عما يحدث فى سيناء من ناحية وعن «غازنا» الذى يذهب للصهاينة هكذا بغير حساب وبغير التفات -كذلك-لملايين الأصوات التى تنادى بقطع هذه العلاقة المشينة مع الكيان المحتل.

وكلما تسارعت وتيرة الأحداث يخرج علينا مجموعة من «الملثمين» ليعيدوا تفجير الخط الذى يمد الصهاينة بالغاز، وكأنه ببساطة أصبح الحل لمشكلاتنا والمستجيب لطلباتنا، بطلا خارقا لا يمكن أن يكون مسؤولا أو وزيرا، إنما يجب أن يكون «ملثَما» ليلبى طموحاتنا وتجد صرخاتنا لديه صدى.

«الملثَم الذى يفجَِِِر خط الغاز ثم يهدأ ليفجره مرة أخرى أصبح - بعيدا عن كينونته وانتمائه - يشكّل للكثيرين فى مصر معنى «البطل» ينتظرونه لينتصر لهم وسط أطنان الهزيمة الملقاة على عاتقهم ويضئ لهم شمعة وسط دروب الظلام الذى حلّ علينا، بعدما تركنا الميدان وركنّا ثانية لـ«الكنبة» التى لم نقدر على فراقها أكثر من ثمانية عشر يوما مكثناهم فى التحرير.
ولأنه على ما يبدو أننا لن نؤمن بالبطولة فى داخلنا لأننا نظن دوما أن للبطل سمات خاصة أهمها - فى مخيلتنا - قدرته على التحليق والاختفاء والخلود أيضا، وقبل ذلك كله أن يكون «ملثما» لهذا كله لم نفكر أن هذا البطل قد يكون أيا منا أو من أصدقائنا، أحدهم قرر ببساطة أن يضحى بنفسه - كما فعلها المئات أثناء الثورة - من أجل قيمة تعيش فى داخله... قيمة اسمها: لن نعترف بإسرائيل ففجر الخط أو وافق على تفجيره حين طُلب منه ذلك، ولم يبرر لنفسه القعود بدعوى الحفاظ على الاستقرار وسير العجلة ومثل هذه المصطلحات التى قتلتنا، بعدما قتلنا نحن بها الثورة قبل نجاحها واكتمالها.

ببساطة: ليس شرطا أبدا أن يكون البطل الذى يحقق أمنيات شعبه وينتصر لوطنه ويثأر لدماء الشهداء من رفاقه، ليس شرطا أن يكون ملثما أو «سوبر مان» إنما فقط أن يكون رجلا لديه ما يؤمن به لدرجة تجعل حياته ثمنا بخسا أمام الوصول لهذا الذى يؤمن به.
«الحريّة.....أو الدم»