حلمى النمنم

سوزان وخديجة وهايدى

الأحد، 13 نوفمبر 2011 03:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخلى مبارك عن الحكم فى 11 فبراير مضطرا، ولم يعد رئيسا، والآن هو تحت التحفظ فى المركز الطبى، ويقيم نجلاه فى ليمان طرة، لكن من يتابع صحافتنا المصرية بكل أطيافها، قومية وحزبية ومستقلة، يشعر أن مباك وأسرته مازالوا الأهم فى مصر وهم الأولى بالرعاية الإخبارية والصحفية فى مصر كلها. أيام أن كان مبارك فى الحكم كانت الصحف تنشر أخباره وتحركاته وكذلك أخبار السيدة زوجته ونجله جمال، وكنا نشكو من المعاملة الرئاسية لجمال وسوزان فى الصحف.. لكن اليوم المعاملة الرئاسية زادت واتسعت لتشمل خديجة الجمال زوجة جمال وهايدى راسخ زوجة علاء، فضلا عن أخبار علاء نفسه التى لم تكن تنشر من قبل. إذا ذهبت خديجة وهايدى إلى السجن لزيارة زوجيهما، تتسابق المواقع الإخبارية للمتابعة على النحو التالى: خديجة وهايدى فى الطريق إلى طرة.. ثم خبر عاجل: وصلت خديجة وهايدى إلى طرة، وتتوالى الأخبار عما حملته كل منهما لزوجها من طعام أو ملابس، ثم خبر بمدة الزيارة وخبر بالانصراف من السجن. ونتساءل: ما هو الخبر فى أن تذهب زوجة لزيارة زوجها بالسجن وما هو الجديد فى أن تحمل معها بعض ملابس أو أطعمة، الخبر هو إذا امتنعت الزوجة عن الذهاب إلى زوجها، أمت العادى والواجب عليها أن تذهب، الأمر نفسه ينطبق على سوزان مبارك إذا زارت نجليها بالسجن أو إذا توجهت إلى زوجها، أخبار ومتابعات إخبارية دقيقة و«تحليلات عميقة» لدلالات الزيارة ومغامرات صحفية لمعرفة ماذا قالت لولديها وماذا قالا لها.. مساحات تفرد لهذه المتابعات، بلا ملل من التكرار ولا ارتداع مهنى من أن ذلك كله لا يقدم جديدا للقارئ أو للمشاهد، ناهيك عن إن كان يمثل إضافة حقيقية أم لا.. ولن أتساءل الآن عن مدى المصداقية فيما يبت أو ينشر، فحينما تجلس زوجة مع زوجها فى زيارة بالسجن لا يعقل أن ننقل مادار بينهما إلا إذا صرحت به الزوجة على لسانها أو الزوج، اللهم إلا إذا كانت هناك أجهزة تنصت داخل غرفة الزيارة وتفتح على صالات التحرير بصحفنا الغراء واستديوهات الفضائيات، فى الأمر جوانب مهنية عديدة يتم إهدارها.

البعض يرى أن هذا الاهتمام والتركيز الإعلامى على أسرة الرئيس السابق دليل إفلاس مهنى أو استسهال بتقديم مادة قد تكون مثيرة للقارئ وللمشاهد، فضلا عن أن بها جانبا من النميمة يلبى فضول البعض مثل الاهتمام بشقيقات الملك فاروق وزوجته وطليقته بعد 23 يوليو 1952، لكن البعض الآخر يرى فى الأمر مؤامرة بالإصرار على معاملة مبارك هو وأسرته معاملة رئاسية واعتبارهم المادة الإعلامية الأولى بالاهتمام، وهذا يعنى أنهم مازالوا فى الصدارة من الاهتمام والتفكير وأنه لا أحد ولا شىء غيرهم أو بعدهم.. قال لى أحد الزملاء منفعلاً «هذا اهتمام مغرض».. ويبدو الأمر أشبه بالزوج الذى انفصل عن زوجته وسارع بتطليقها، وبعد الطلاق لا يفعل شيئا سوى الحديث عنها بمناسبة وبدون مناسبة، قد يكون حديث إعجاب أو كراهية وربما حديثا محايدا تماما، ثم هو لا يكتفى بذلك فيتتبع أخبارها وتحركاتها وخطواتها وقد لا يتردد فى أن يتجسس عليها، باختصار هى تملأ خياله وتفكيره وتسيطر على مشاعره وأحاسيسه حبا أو كراهية - قبولا أو رفضا، إنه لا يمكن الاستغناء عنها، لا يركز فى مشروع جديد بحياته يبدأ معه بداية جديدة وعالما آخر، ويطوى صفحة الماضى، هل هو طول العشرة، حتى لو لم تكن سعيدة ولا ودودة بينهما.. هل هو العجز عن بداية جديدة.. هل غياب مشروع وحلم جديد.. هل وهل..؟!!

لقد أسقطنا مبارك فى 11 فبراير 2011، لكنه سقط فى الشارع قبل ذلك منذ سنة 2005، وكان أشبه بمريض مات إكلينيكيا وانتظر فقط أن ينجو من الموت إلى موت كامل، لكننا لم نكن جاهزين لما بعد مبارك، إزاحة مشروع التوريث وإزاحة مبارك نفسه شغلت كل الاهتمام والتركيز، ولم يكن هناك مشروع أو مشاريع محددة لمواصلة ما بعد مبارك، فاختلفنا كثيرا وتعثرنا فى البدهيات أو ما يجب أأن يكون كذلك: الدستور أولا أم البرلمان؟!! وهكذا..
المهم الآن ألا تستغرقنا تلك الحالة أكثر من ذلك، ولنترك مبارك وولديه وزوجاتهم للقضاء وللقانون ولننشغل بما هو أجدى وأنفع ؟، أصبح مبارك وأسرته فى ذمة التاريخ فلا يجب أن نستدعيهم كل لحظة ليكونوا الموضوع والاهتمام الأولى والأكبر لنا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة