ما يجرى فى محافظات مصر من مواجهات دموية وصراعات قبلية وحروب أهلية وانفلات أمنى ينذر بشىء كبير من الخوف على مصير الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويبعث بعدم الاطمئنان فى أن تمر المعركة الانتخابية بسلام وهدوء كما وعدت الحكومة والمجلس العسكرى إلى الحد الذى دفع ببعض الكتابات إلى استباق الأحداث ووصف البرلمان القادم بأنه «برلمان الدم»، كما جاء على غلاف العزيزة مجلة «روز اليوسف» فى عددها الأخير.
الأوضاع المشتعلة فى قرى ومدن سوهاج، وقنا، وأسوان، وسيناء، وكفر الشيخ، ودمياط، لا تبشر بانتخابات آمنة وهادئة فى ظل الاحتكام إلى لغة السلاح والبارود وغياب شبه كامل للأجهزة الأمنية فى تلك المناطق مع انتشار مهول لكل أنواع الأسلحة التى تسربت من الحدود المصرية الليبية والحدود مع فلسطين المحتلة، وفقدان الثقة فى استعادة الدولة لدورها فى فرض الانضباط والأمن والتدخل لوأد أية صراعات أو نزاعات أهلية وقبلية قبل اشتعالها، مثلما يحدث الآن بين قبائل العرب والهوارة فى قرى ومدن سوهاج وقنا ثم فى بلطيم ورأس البر وأسوان.
اشتعال كرة الدم بشكل مفاجئ وفى توقيت متزامن تتحمل مسؤوليته الحكومة وأجهزتها الأمنية المتراخية التى لا تريد تحمل عبء المسؤولية بشرف وضمير فى فرض الأمن والأمان، إضافة إلى الدور المجتمعى فى إجراء عمليات المصالحة ونزع فتيل الأزمات قبل وقوعها، لأن الأمر تجاوز حدود الصبر والانتظار على استعادة الشرطة والأجهزة الأمنية لعافيتها وهيبتها بقوة القانون وسلاح الحسم والحزم والعدل.
فقد مر ما يقرب من 10 شهور على ما تعتبره بعض قيادات الشرطة «هزيمة يناير» وانسحاب الشرطة المهين يوم 28 يناير، وترك الساحة للبلطجية وفلول النظام السابق فى ترويع المواطنين وإشاعة الفوضى والتخريب، والعلاج النفسى للأجهزة الأمنية لاستعادة الثقة فى القدرة من جديد على استعادة الأمن طال كثيراً جداً، وتجاوز الفترة المقررة لعلاج المريض النفسى وإعادة تأهيله، إلا إذا كانت الرغبة فى العلاج والتأهيل غير موجودة لدى الكثير من أفراد الجهاز، مع تقديرى للشرفاء فيه الذين يؤدون دورهم بضمير وأمانة ومسؤولية رغم صعوبة الظروف.
الوضع المشتعل فى المحافظات ينذر بالخطر، بل كاد يصل إلى مرحلة الانفجار إذا لم تتحمل الحكومة والمجلس العسكرى عبء المسؤولية الكاملة عن حماية الوطن من العابثين بأمنه واستقراره فى هذه المرحلة الحرجة.