د. سعيد إسماعيل على

حتى يكتمل مشروع زويل

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هى خطوة أكثر من رائعة، تلك التى بدأت بإرساء حجر الأساس لهذا المشروع الحضارى العملاق الذى يؤسس لنهضة علمية وتقنية باسم العالم الكبير أحمد زويل فى المدينة التى سميت باسمه عن حق، ولاحت تباشير النجاح الأولى باستقطاب كم من التبرعات يبشر بخير عميم، وإن كان الطريق إلى الطموح المالى ما زال طويلا، لكنها القاعدة الشهيرة بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. وإذا كان التبرع بالمال مقوم أساسى فى السير بالمشروع إلى غايته فى النهوض العلمى والتقنى، فإن مما يساهم فى هذا أيضا - كما نتصور - أن يتقدم كل من يستطيع ما نظنه عونا فكريا، ربما يسهم فى مزيد من التسريع فى إنجاح المشروع.
وإذا كان المشروع يقتضى «بنية أساسية» فى التمويل والأبنية والتجهيزات والكوادر البشرية، فهو فى رأينا يقتضى بنية أساسية أخرى، خارجه، ذات طبيعة تعليمية ومجتمعية، وهما - كما سنرى، يرتبط أحدهما ارتباطا وثيقا.

فالنهوض العلمى والتقنى، يحتاج بالضرورة قاعدة «تعليم وتعلم» لأجيال شابة من أبناء مصر، يمكن أن تستوعب ما يحدث فى المشروع من صور تقدم، ثم لا يقف الأمر عند حد الاستيعاب، بل يزيد على ذلك بمحاولة المساهمة العلمية والتقنية.

لكن الملاحظ، مع كل الأسف والأسى، ظهور عملية تراجع محزنة، لا أراها تستنفر المهتمين بالشأن العلمى والوطنى للتفكير فى مواجهتها، حيث نرى تراجعا من قِبل طلاب الثانوى عن التخصص العلمى، وتزايدا مقابلا فى التخصص الأدبى وكاتب هذه السطور، بطبيعة تكوينه الفكرى، هو ممن تربوا فى أحضان العلوم الإنسانية والاجتماعية، لكنه فى الوقت نفسه يعى تمام الوعى أن مجتمعنا فى هذه المرحلة بصفة خاصة يجب أن يحرص على جذب أعداد أكبر إلى التخصصات العلمية.

وإذا ما تساءلنا عن السبب فى هذه الرغبة فى الإقبال على كليات بعينها دون غيرها مما جعل الحصول عليها صعب المنال، وجدنا أنفسنا أمام الوجه الآخر من القضية ألا وهو الوجه المجتمعى.

فإذا كانت كليات العلوم تقدم «البنية الأساسية» لكل الكليات والتخصصات العلمية والتطبيقية، إلا أن خريجيها يعانون معاناة شديدة فى العثور على عمل، فإذا تساءلنا عن السبب، لوجدناه كامنا فى ضعف الطلب المجتمعى على «العلميين»، ومن ثم، فإذا أردنا تشجيع الطلاب على الالتحاق بكليات العلوم، فلابد من القيام بعملية «توليد الحاجة» إليهم، لا بخطب ومقالات ونصائح فى فضل العلم، وإنما بضرورة أن تضم كل منشأة صناعية أو زراعية أو تجارية أو ثقافية، مركزا للبحوث العلمية فى التخصص، سعيا إلى مزيد من التطوير وكثير من التجديد، وهو الأمر الذى يضعف فى اقتصاديات تعتمد على الاستيراد أكثر من التصدير، والاستهلاك أكثر من الإنتاج، والدخول الريعية أكثر من الدخول الرأسمالية.

فى أواسط الخمسينيات على وجه التقريب، فتح تخصص لهندسة الطيران فى جامعة القاهرة، وكانت هذه خطوة رائعة على طريق العلم والتقنية.. لكن بعد سنوات قليلة اضطر أولو الأمر إلى تجميد الموقف، لماذا؟ لأن مصر لم تكن تملك وقتها «سوقا» لترويج صناعة الطيران، يشكل طلبا على قوى عاملة فنية ومتخصصة فى هندسة الطيران.

إنها القاعدة التى يعرفها الصغار قبل الكبار: «الحاجة أم الاختراع»، وتطبيقها هنا: توليد الحاجة المجتمعية إلى العلميين، فإذا ما تم هذا فسوف يهرع الطلاب فى التعليم الثانوى إلى الإقبال على التخصص العلمى، حيث سيرون وراءه آفاقا للعمل والتطبيق.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة