محمد فودة

محمد فودة يكتب.. قبل أن تنسحب منا القيم والحب والتقاليد!

الجمعة، 18 نوفمبر 2011 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة من الاكتئاب والإحباط أصبحت تسيطر على الشعب المصرى، كأنها سحابة سوداء ترمى بأمطارها الداكنة على كل العيون والقلوب والمستقبل، أنا شخصياً على المستوى الخاص بى تمتد بى هذه الحالة، وتصل إلى حد التشاؤم.. لقد أصبحت طريداً لهذا الحزن الشامل من كل شىء حولى، هناك ترقب شديد من الغد المجهول، هناك غموض وغيوم ترمى بظلالها على كل ما يحيط بنا، كأن القادم إلينا من بعيد يشى بمزيد من اللااستقرار، وبمزيد من الكآبة، فقد أصبحنا بعد الثورة نفترض أى شىء يمكن أن يحدث.. انكسرت الحدود بين المعقول واللامعقول، وتدحرج الخوف حتى صار كأنه المخلص المنتظر الذى تابعناه كثيراً، وحينما أتى عرفنا أننا ربحنا السراب.. الأحوال تسير إلى الأسوأ، الإضرابات الفئوية تحولت إلى كوارث، ووصلت إلى مطاردات، كأننا فى مدينة شيكاغو أيام الخمسينيات من القرن الماضى، تطورت الجريمة حتى صارت قبائل الصعيد تختطف أفراداً من قبائل أخرى وتعتبرهم رهائن!.. ثم أصبح شيئاً عادياً جداً قطع الطرق الرئيسية، أصبحت أخبار الحوادث اليومية مفزعة.. يندر أن يخلو يوم واحد من عنف أو تهديد أو تحقير أو توعد لفئات ضد فئات أخرى.. تطورت الجريمة وأساليبها فى ظل غياب القبضة الحديدية التى يمكن أن تحسم هذا الضياع المستمر المريب!

هذا المشهد السوداوى يمتد أمام عيونى ليل نهار، والحصاد صفر، حتى مشاعر الود والحب الجميل تاهت وتسربت كأنها قبضة ماء سقطت فى رمال عطشى.. كل شىء يقودنا إلى اللاأمان.. شعور عام بالغضب، كل هذا انعكس على سلوكيات الناس، زاد التبجح وانتشرت السوقية فى الأحاديث اليومية، وفى كل الحالات غابت القيم والأصالة والتقاليد.. حالة من الشك فى كل شىء.. نتمنى الاستقرار، وأصبحنا نردد: ولا يوم من أيام زمان، حتى لو كان وسط فساد، لأننا كنا نعرف مواطن هذا الفساد ونبتعد عنها، أما اليوم فقد تفشى الفساد فى مليون صورة ومليون شكل، وانتشر كالمرض اللعين فى كل شىء، كل واحد فينا أصبح يعيش على كف عفريت!.. فلا يوجد أى يقين نستقر عليه، ولا تتوفر أى بشائر للأمن، ولا أى ثمار لعودة الترابط الاجتماعى، كل ما يهم الناس حالياً هو المصلحة، لعبة المصالح هى الأساس فى تعاملات الناس اليومية.. ففى الوقت الذى ضاقت فيه سبل الحياة، وارتدت القيم أثواب القبور، كأنها ذهبت إلى طريق لا رجعة فيه ولا عودة.

لا نجد أمامنا سوى الأنانية المفرطة، تراها فى كل ما حولنا، كأنها هى المفردة الجديدة التى من حقها أن تعيش فى هذا الزمن الخائف المنسحب المتردى الذى يعيدنا بقوة إلى قانون الغابة.. وها هى البنايات الأسمنتية الراقية حولنا، قد صارت بأيدينا إلى غابات عنيفة مخيفة لا أول لها ولا آخر، كل هذه المشاعر تضافرت مع الحب الرومانسى المفقود الذى تاه معنا، وتحول إلى كم من الكلام بلا مشاعر، فإذا كنا قد فقدنا الحب الحقيقى والأحاسيس، حتى العطاء فى الحب أصبح يقابله النكران، لم يعد أحد يبادل الحب بالحب، فمن يستطيع إذن أن يحب مصر؟! ومن بإمكانه أن يمنحها الضمير والعمل الجاد والحب الذى يعود على الجميع بالخير.. صراع خفى أحسه يطارد كل خطواتنا، كأنه يريد لنا أن نتقهقر، ولا أعرف من يسعى لتخريب البلد.. كل فرد يريد أن يفسر القانون على هواه، حتى سقط القانون تحت صراعات رجال القضاء والمحاماة، وتحولت المعانى إلى ألغاز، وانتشرت الأجندات الأجنبية التى تتهافت كلها من أجل تفتيت مصر.. كلهم يسعون نحو هلاكنا.. لا يوجد المخلصون الأسوياء الذين عليهم هدف تجميع الناس، والالتفاف حول هدف أسمى، حتى المعارضة صارت من أجل المعارضة، بلا روح حقيقية.. بعد أن أصبحنا بلا كبير.. ولنا الله يا مصر.. لنا الله!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة