أوليست نفساً؟!

ليست المرة الأولى التى أجد فيها نفسى محاصرًا بالعديد ممن ينصبون أنفسهم «آلهة» على الآخرين، فيحدّدون أهل الجنة وأهل النار، يتعاملون كأنهم يعلمون النوايا وما أخفته الصدور ويحاسبون عليها، يُدخلون من يشاؤون فى رحمة الله ويطردون غيرهم للعذاب الأليم، يقولون إن «علاء عبدالفتاح» ملحد لمجرد أنه ترك خانة الآراء الدينية على الفيس بوك فارغة، ويتهموننى بالكفر والزندقة لمجرّد أننى دافعت عنه وعن حقه - كمدنى - ألا يحاكم عسكريّا، يتهمون شباب الثورة - التى ركبوها - بأنهم خونة وأصحاب أجندات خارجية، رغم أنهم يقولون هذه الاتهامات على شاشة قنوات تحوّل لهم رواتبهم من السعودية أو من قطر أو غيرها، ويتّهمون شباب الأقباط بالسعى للخراب والتدمير رغم كونهم أول من يقول بوجوب تطهير البلاد منهم وتفتيش الكنائس والتحريض على المسيحيين والدعوة لقتلهم.

تذكّرت وأنا أشاهد المدعو «خالد عبدالله» على شاشة قناة الناس - المدعومة من السعودية أكبر أعداء الثورة - يتهمنى - أنا وعلاء عبدالفتاح وأسماء محفوظ وغيرنا - بالخروج عن الدين وتلقى تمويلات من جهات خارجيّة لتنفيذ أجندات تخريبيّة، ويتمنى لنا الموت، ويدعو علينا لأنه يرانا «ملحدين» ويدعو لعدم التضامن أو التعاطف مع علاء، لأنه «يخالفه فى الرأى»، فتذكّرت على الفور موقف النبى «صلى الله عليه وسلّم» عندما مرّت عليه جنازة «يهودى» فقام لها واقفًا.. وقال: أوليست نفسًا؟!!

هؤلاء المُدّعون على الإسلام وعلى نبيّه العظيم أمثال خالد عبدالله ومحمد عبدالمقصود وشومان وغيرهم كانوا يلعقون حذاء النظام البائد وينتظرون مكالمة من ضابط أمن دولة ليحدد لهم ماذا سيقولون على المنبر، فى الوقت ذاته الذى كان علاء وأسماء وغيرهم يكشفون صدورهم للموت من أجل حريّة هذا الوطن وكرامته.

يبدو أنهم لا يعلمون أن النبى «صلى الله عليه وسلم» لم يكن ينظر لديانة المظلوم ولا لونه ولا جنسه قبل أن يتعاطف أو يتضامن معه، بل ويأخذ له حقّه ولو من مسلم، فإن كانوا يتبعونه - كما يدّعون - فليعيدوا قراءة سيرته، وليقتدوا بهديه بصدق.
«الحريّة.. أو الدم».