أعلن عضو المكتب التنفيذى لحزب النهضة، نور الدين البحيرى «10/26» لوكالة الأنباء الفرنسية أن الحركة الإسلامية «لن تفرض قيودا على ملابس السائحات الأجنبيات على الشواطئ، ولا قواعد مصرفية إسلامية»، كما صرح الأمين العام للحركة، حمادى الجيالى، المرشح لرئاسة الحكومة الانتقالية القادمة لوكالة تونس أفريقيا للأنباء بأن «القطاع السياحى من المكتسبات التى لا مجال للمساس بها، هل من المعقول أن نصيب قطاعا حيويا مثل السياحة بالشلل بمنع الخمور، وارتداء لباس البحر، وغيرها من الممارسات؟ هى حريات شخصية مكفولة للأجانب والتونسيين أنفسهم».
وفى المقابل، أكد زعيم النهضة راشد الغنوشى فى تصريحات لإذاعة إكسبريس إف إم التونسية، ونقلتها الشروق القاهرية «10/27»: التعريب أساسى ونحن عرب، مضيفا: «أصبحنا نصف عربى، ونصف فرنسى «فرانكو آراب» هذا تلوث لغوى، على أننا نشجع تعلم اللغات، خصوصا أكثرها حيوية دون أن نفقد هويتنا»
هذه تصريحات قادة النهضة، وهم بالمناسبة إسلاميون أقحاح، لم يبالوا فى اجتهادهم العصرى سوى بمصلحة الوطن، والحفاظ على الحريات الشخصية التى هى مكفولة «للأجانب والتوانسة»، بما فى ذلك ارتداء ملابس البحر «المايوه»، وشرب الخمر، فكل إنسان حريته الشخصية مكفولة على الأرض، وحسابه عند ربه فى السماء، والهوية العربية الإسلامية تبدأ باللغة، ولا يحدها مايوه أو...
عندما قرأت هذه التصريحات لم أندهش، لأننى قرأت دراسات ومقالات للمفكر البارز، وزعيم النهضة راشد الغنوشى، متقدمة أكثر من ذلك، بل حينما قابلته لأول مرة فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، وأجريت معه حوارا صحفيا ظننت أن الرجل زعيم لحركة ليبرالية، وتشككت فى نفس الوقت وقلت له: هذا حديث زعيم معارض، وهل لو وصلتم للحكم فسوف تطبقون هذا البرنامج الذى تسميه «التقدمى الإسلامى النهضوى»؟، فأجاب بثقة: إن شاء الله.
يومها تركت الرجل لكى أتابع آخر أخبار التفجيرات والقتل التى كانت تقوم بها الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد حينذاك فى مصر، فى تحريم لكل شىء، بما فى ذلك حق الحياة.
وبعيدا عن الجماعة والجهاد، وبعد عشرين عاما، وانتصار الثورة فى تونس، ثم ثورة 25 يناير، نجح الغنوشى، ورسب الإخوان المسلمون المصريون، مع كامل احترامى وخلافى مع آرائهم.. لا جديد.. حوارات سطحية لا معنى لها عن تحريم البكينى على الشواطئ، والإخوة المحترمون السلفيون يحدثوننا عن السياحة «المحتشمة» للأجانب، وتغطية وجوه التماثيل الفرعونية بالشمع، بل اعتبار النصارى كفارًا! «لدى الكاتب 14 تصريحا لقادة سلفيين على هذا النحو».
لا اجتهاد، ولا مشروع إسلاميا حضاريا مصريا.. تركيا سبقتنا، ماليزيا تخطتنا، تونس تعلمنا دروسا فى الاجتهاد.. باختصار رحم الله الإمام الشهيد حسن البنا، فقد أسس مشروعا عظيما استفاد منه كل إسلاميى العالم، ما عدا إسلاميى مصر !
لا اهتمام للحركة الإسلامية المصرية سوى بجسد المرأة.. عشرات الفتاوى: ماذا تلبس ؟ مع من تجلس؟ ضرورة عودتها للمنزل.. وامتدت هذه المآسى حتى إلى المرأة الغربية التى ستزور مصر من أجل السياحة!.. آلاف القضايا الوطنية والعربية والعالمية ليست محل اهتمام الإخوة.. لا يعنيهم من الدنيا والآخرة سوى التصدى لـ«لحم المرأة».. فى حالة هياج فكرى غير مسبوق، حتى فى العصور الوسطى وما قبل الوسطى إبان مجد الحضارة العربية الإسلامية فى عصر العباسيين، وهارون الرشيد على سبيل المثال.
يا إلهى.. من ينقذنا من أصحاب هذه الثقافة اللحمية! ويرحم الشعب المصرى من نخب إسلامية تكافح ضد البكينى، ونخب مدنية تناضل مع البكينى، ونخب عسكرية لا يهمها سوى إصدار البيانات والأحاديث فى برامج التوك شو!