انتصار جديد لفلسطين

اختفى بريق خبر حصول فلسطين على العضوية الكاملة كدولة صاحبة سيادة فى منظمة دولية هى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» وسط مساحات الصخب والضجيج والانشغالات بالأوضاع الداخلية والأزمات المتلاحقة والمتتابعة بين أمناء شرطة وضباط ومحامين وقضاة واحتجاجات وتظاهرات ومؤتمرات للتوافق والصراعات الانتخابية والنشطاء والمجلس العسكرى.

فى الوضع الطبيعى فإن حصول فلسطين على العضوية الكاملة لأول مرة فى منظمة دولية كان سيعتبر أو انتصار عربى سياسى حقيقى على المستوى الدولى والإقليمى منذ الانتصار العسكرى فى حرب أكتوبر.. فقد قررت اليونسكو قبول عضوية فلسطين لتكون «الدولة» رقم 195 فى المنظمة الدولية بتصويت 107 دول ضد 14 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالطبع ومعهما هولندا وألمانيا وكندا وبعض التابعين لهما فى المنظمات الدولية وامتناع إيطاليا وبريطانيا عن التصويت.

الدبلوماسية العربية والمصرية فى القلب منها ومعها دول أمريكا اللاتينية والدول الآسيوية والأفريقية حققت انتصارا تاريخيا تزهو به فى زخم نتائج وتداعيات ثورات «الربيع العربى» وطوفان التغيير القادم فى المنطقة رغم التهديدات الأمريكية الصريحة بتجميد ووقف التمويل الأمريكى للمنظمة الدولية، واعتبار أن تصويت المجلس التنفيذى لليونسكو لصالح التوصية بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية فى هذه المنظمة الثقافية الدولية هو أمر «لا يمكن تفسيره»، كما قالت هيلارى كلينتون وزير الخارجية الأمريكية والتى طالبت اليونسكو بإعادة النظر فى قرار منح العضوية.

الولايات المتحدة تؤكد فى كل مرة أن انحيازها الدائم لإسرائيل ضد القضايا العربية لن يتغير، سواء كان أوباما الذى احتفى به الجميع وأملوا أن تكون رئاسته مرحلة فارقة فى السياسة الخارجية الأمريكية أو كان بوش أو كلينتون أو ريجان أو أى رئيس غيرهم، فالكلمات والخطابات المخدرة والمهدئة أمر يختلف تماما عن المواقف عندما يتعلق الأمر بإسرائيل أو فلسطين.

أمريكا تفكر جديا فى قطع تمويلها لليونسكو والبالغ قيمته 80 مليون دولار، والذى يشكل حوالى 22٪ من ميزانية المنظمة الدولية التى تقدر بنحو 370 مليون دولار تقريبا بحجة القيود التشريعية الأمريكية.

أعتقد أن خسارة اليونسكو 80 أو 70 مليون دولار يضع الدول العربية أمام مسؤولية تاريخية للحفاظ على الإنجاز والانتصار الدبلوماسى، فالمساهمة الأمريكية فى اليونسكو ليس بالأمر الصعب تعويضها بزيادة مساهمات الدول العربية، وبخاصة دول الخليج العربى.