د. محمد محسوب

الشعب يدير مرحلته الانتقالية

الإثنين، 21 نوفمبر 2011 04:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو جليا أن القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية فى البلاد فشلوا تماما فى إنجاز الحد الأدنى مما هو ملقى على عاتقهم، فهم لم يفلحوا فى إدارة الحياة اليومية للمواطن بحد يقترب حتى من نمط إدارة النظام السابق رغم عيوبها وفسادها، وهم لم يتمكنوا من السيطرة على الانفلات الأمنى رغم توفر القوة الكافية لذلك بسبب غياب العزم، وربما النية، وهم أخفقوا فى وقف نزيف الاقتصاد اليومى والسحب الأسبوعى من الاحتياطى النقدى، رغم أن إدارة البلاد بالاستناد إلى السحب المستمر للاحتياطى ليس معضلة لفريق اقتصادى متواضع، وهم أثبتوا فشلا ذريعا فى إدارة حوار وطنى بين النخب والقوى السياسى لتقريب وجهات نظرها والتوافق على خارطة طريق واضحة للتحول الديموقراطى. ونعتقد أن سبب الفشل المتراكم فى إدارة المرحلة الانتقالية هو رغبة القائمين على إدارة تلك المرحلة فى تحقيق مصالح آنية لهم من خلال توجيه إدارة المرحلة وجهة مواتية لهم، وكذلك محاولة بناء معادلة الحكم والسلطة بما يضمن لهم التواجد على رأس سلم تلك المعادلة بشكل صريح، وبنصوص دستورية جازمة.
غير أن ذلك لا يلهينا عن رؤية جانب آخر من الملهاة، وهو سلوكيات النخبة السياسية خلال هذه المرحلة، فالمتأمل يكتشف سريعا مدى سذاجة بعض تلك النخب ومدى انتهازية البعض الآخر، فبينما يغرق فريق فى خلافات أيديولوجية غير منطقية، يفقدون خلالها المعايير العلمية لتبادل الأفكار، كالخلاف على معنى مدنية الدولة، فإن البعض الآخر يميل سريعا لاقتناص كل فكرة وكل مبادرة ليركبها محاولا من خلالها تحقيق مآربه التى تعلم بها كل الأطراف، فأنا شخصيا رأيت مصلحة كل الأطراف تعلو مصلحة الوطن خلال النقاش البيزنطى بشأن الدستور أولا أم الانتخابات أولا، ففريق كان يأمل أن أن يحصد بالانتخابات كل شىء مستندا فيما يعتقده إلى أسبقيته فى العدة والتنظيم، بينما الفريق الآخر رغب فى أن يجعل الدستور حاجزا بين الفريق الأول والانفراد بالسلطة، وأن يثبت رؤاه ووجهات نظره بنصوص دستورية ربما تخالف توجهات الأغلبية التى يتعالى عليها ويحاجج بأنها لم تصل بعد لفهم أسرار الديمقراطية. وبمجرد طرح فكرة المبادئ الأساسية للدستور، حاول فريق أن يجعلها بديلا عن الدستور أولا، فيحول المبادئ إلى دستور مفصل، بينما رفضها الطرف الآخر بدعوى أنها تستبق إرادة الأمة، وأيضا لكونها تمثل حائلا بينه وبين أن يقوم بنفسه بالإشراف على كيفية تكوين الجمعية التأسيسية المنوطة بوضع مشروع الدستور المنتظر.
والحقيقة الواضحة أنه كان من الممكن، كما ذكرت فى مقابل سابق، أن نجعل الدستور والانتخابات أولا، من خلال الفصل بين المسار الانتخابى الذى يفرز أغلبية تشكل حكومتها، والمسار الدستورى الذى يجمع الكل لوضع دستور للجميع.
وإذ وصلت الأمور إلى المرحلة التى نقف على حافتها، انتخابات تؤذن بأن تبدأ لاختيار برلمان يقوم بدوره باختيار جمعية تأسيسية، فإن المهمة كاملة، ودون قصد ممن صاغوا تلك المعادلة، أصبحت فى يد الشعب، فهو من سيختار من يشكلون بقرارهم الجمعية التأسيسية، وهو قد سمع النقاشات الحامية والخلافات الدامية بين النخبة السياسية ويدرك أن البرلمان القادم فريد فى ظروف ولادته، وفريد فى طريقة انتخابه، وفريد فى المهام الموكلة إليه، وأنه رغم ولادته التى تبدو متعسرة فإن مواقفه وقراراته وتشريعاته ستكون حاسمة فى تحديد مستقبله ومستقبل الدولة المصرية لعدة عقود.
المسألة ببساطة أن الأمور جميعها، وبدون قصد من القائمين على السلطة الانتقالية والنخب السياسية عادت ليد الشعب، الذى يمكنه بخبرته المتراكمة أن يحسم كل الأمور لمصلحته، بغض النظر عن المصالح الآنية لأطراف اللعبة الذين يجيدون اللعب لتحقيق مصالحهم، ويفشلون عندما يكون اللعب لصالح الشعب والبلد الذى نرنو ليكون ضمن الصف الأول.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سومية الفقى

أخيرا الحق رجع لأصحابه ...

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة