ماذا لو اختلف البرلمان القادم مع المجلس العسكرى؟ وهل يجب أن يجيز البرلمان قوانين المرحلة الانتقالية؟
ارتضى الشعب المصرى بعد أن قام بثورته أن يتولى وظيفة إدارة البلاد فى هذه المرحلة الحالية المجلس العسكرى، والصمت السلبى على شىء يعتبر ضمنيا موافقة عليه، لكن للأسف مفهوم كلمة الإدارة يختلف تماماً عن مفهوم كلمة تولى الحكم، والتفسير الواسع لكلمة الإدارة قد يخل باتفاق الإدارة الموافق عليه من طرفيه.
والحقيقة وبلغة حوار بسيطة مع القارئ لاحظ معى أنه دائماً هناك نوع من الحياء بين الشعب المصرى ومن يتولى زمام أموره أو يحكمه، ودايما يقولك عيب كتر خيره الرجل بيشتغل عشان البلد، وشوف قلبه الطيب وأخلاقه النبيلة ده غير ما تلاقيله ناس بتدافع عنه متطوعين، وده لأننا شعب مؤدب فى طباعه، لكن الأدب الزائد أحيانا يؤدى إلى الرضاء بالأمر الواقع، وهو ما حدث فى حالة الخمول ضد الحاكم التى أصابت المجتمع المصرى قبل الخامس والعشرين من يناير وامتدت على مدار أكثر من ستين عاما مضت.
لا أدرى لماذا سمحنا للمجلس العسكرى أن يبدأ باختيار مواد معينة من الدستور لتعديلها والاستفتاء عليها؟ إنها أكبر غلطة ارتكبت فى حق التغيير فى مصر، لا أتكلم عن نتيجة الاستفتاء أو الالتزام بها، إطلاقا، وإنما أتكلم عن الحرية والسلطان المطلق الذى منحه المجلس العسكرى لنفسه فى تحديد المواد المراد تعديلها وطرحها للاستفتاء.
أيا ما كان الأمر وقعنا جميعا فى شرعية التعديلات وأصبح قبول نتائج الاستفتاء واجبا على كل من شارك فيه، والله يسامحه المجلس العسكرى.
لكن إذا ما تمت الانتخابات القادمة وأصبح لدينا برلمان منتخب، لمن ستكون سلطة التشريع؟ إيه السؤال ده، للبرلمان طبعا. طيب افرض معى أن كتلة ما أو تيارا ما حصل على أغلبية فى البرلمان ألا يمكن للأغلبية طرح قانون معين والموافقة عليه؟ طبعا ممكن.
طيب وهل يجب عرض القوانين - التى سنها المجلس العسكرى منذ بداية الثورة- على البرلمان القادم للموافقة عليها؟ ده سؤال لا أجد له إجابة حتى الآن.
وماذا لو جاء الاستجواب الأول من أحد نواب البرلمان عن شىء يتعلق بالشرطة العسكرية، أو بفساد مالى أو إدارى داخل المؤسسة العسكرية؟ إيه الأسئلة دى هو فى فساد داخل المؤسسة العسكرية!! طيب دا احنا اتكلمنا فى كل حاجة فى الدنيا إلا الموضوع ده، يا سيدى افرض، فى الحالة دى لمن يقدم الاستجواب؟ لا أعرف.. حاجة كمان.. لو انتخب البرلمان من الطبيعى والمنطقى أن تستقيل الحكومة وتشكل حكومة جديدة، والسؤال هل سيتم اختيار الحكومة القادمة وفقا لنسب النجاح فى البرلمان وبالتالى نكون طبقنا النظام البرلمانى؟ أم سيختار المجلس العسكرى أيضاً الحكومة بعد انتخاب البرلمان؟ وفى الحالة الأولى هل ستنجح الكتل البرلمانية المنتخبة فى التوافق على حكومة واحدة؟ طيب دول عمرهم ما اتفقوا على شىء من بعد الثورة.
بلاش كده، هيكون إيه الوضع لو اختيرت الحكومة وفقا لتشكيل البرلمان ولم تتوافق مع المجلس العسكرى؟ الحقيقة كل دى أسئلة تحتاج إلى إجابات.
الحاجة الوحيدة اللى المجلس العسكرى حاول أن يفوز بها مقدما، هى أن يأخذ نوعا من الامتيازات والاستقلال مقدما عن طريق اختراع اسمه وثيقة المبادئ الدستورية.
أنا نسيت حاجة فاز بها المجلس العسكرى فى الزحمة وهى القانون الذى أصدره بأن يختص القضاء العسكرى وحده بنظر إقرارات الذمة المالية للعسكريين، ما علينا من القانون ده، لما يرجع العسكريين لثكناتهم نبقى نشوف موضوع الذمم المالية دى رايحة فين.
الشىء اللى يحيرك فى الوثيقة دى أنها شىء افتراضى والتوافق عليه اختيارى والرجوع فى التوافق ليس له أثر قانونى، والشغلانة كلها غير مفهومة لا من حيث التوقيت ولا المضمون.
اللى نفسى أفهمه هما ليه بيقولوا توافق القوى السياسية؟ ولما بيحبوا يجتمعوا مع القوى السياسية بيتصلوا بمين؟ ومين اللى بيحدد من يصلح أن يكون من ضمن القوى السياسية؟ ويا ترى أنا وانت مش هيجيلنا يوم ويعتبرونا من القوى السياسية؟ إيه السؤال المحبط ده طيب ماهى بلدنا زى ماهى بلدهم .. ما علينا.
المهم دلوقتى نستعد للانتخابات ونسيب الباقى على ربنا لأنه واضح أن ربنا وحده دلوقتى هو اللى هيرحمنا من كل ده، وربنا يستر ونحافظ على أبنائنا فى الانتخابات ولا نخسر منهم أحدا، كفاية اللى خسرناهم قبل كده.
بس السؤال بعد ما نخلص من أزمة الوثيقة ونعمل الانتخابات اللى احنا خايفين إنها لا تتم ويأتى البرلمان الجديد ويشرع قوانين بعد كل ذلك من الذى سيقوم بتنفيذ تلك القوانين ويضمن احترامها؟ إيه الأسئلة الساذجة دى، طبعا السلطة التنفيذية هى اللى هاتضمن احترام القوانين، طيب بهدوء ومن غير انفعال.. هى السلطة التنفيذية الموجودة دلوقتى عارفة تحمى القانون، وتضمن احترامه؟ الإجابة طبعا وبالفم المليان: لا. يادى المصيبة طيب هنعمل إيه هل يمكن لمجتمع أن ينجح دون سلطة لها قوة لحماية واحترام القانون على أراضيه؟ طبعا مستحيل..
ولنا سطور أخرى الأسبوع القادم إن كان فى العمر بقية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د لمياء صبحي
خالد أبوبكر كلامه بيعجبني
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري متغرب
للأسف هذا غير صحيح ، لغياب البرلمان 60 سنة ماضية غاب عنا التصور
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل حلمي
بجد اكثر من ممتاز