أمر الاستفتاء الذى طرحه المشير طنطاوى بخبث فى نهاية خطابه يشبه إلى حد كبير تلك الجلسة القريشية التى دارت تفاصيلها داخل دار الندوة تحت قيادة السيد المشرك الشهير أبوجهل بحثا عن طريقة للخلاص من النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فراودهم الشيطان عن أنفسهم وبخ فى عقولهم تلك الفكرة الشريرة الخاصة بجمع رجل من كل قبيلة ليضربوا النبى صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل فلا يستطيع أحد الثأر له، هكذا ببساطة فعل المشير أو من «بخ» فى عقله تلك الفكرة الإبليسية الخاصة باستفتاء الشعب على بقاء المجلس العسكرى فى السلطة.
دعنا نعترف أن فكرة الاستفتاء هذه داخل ملعب السياسية ذكية وتستحق التحية بل تصل إلى مرحة دهاء الثعلب المكار حينما يخطط لافتراس حمل وديع، ولكنها تبقى شيطانية من الناحية الأخلاقية أو من ناحية التفكير فى مصلحة البلاد العليا، لأنها ببساطة أشعلت شرارة انقسام مجتمعى هائل وفتحت بابا واسعا للتراشق باتهامات التخوين والعمالة، ولكن هل يجوز أن يبدأ أهل البلد الواحد فى الانقسام قبل أن يسألوا أنفسهم: هل يجوز أصلا أن نطرح استفتاء على بقاء المجلس العسكرى من عدمه؟
أعرف أن قطاعا كبيرا من الرافضين لاعتصام ومطالب ميدان التحرير يرون فى الاستفتاء طوق نجاة من الدخول فى دوامة اعتصام غير مقتنعين به ويظنون أنه يخرب البلد ويحرمهم من الاستقرار، وأعرف أنهم سيستخدمون كلمة الديمقراطية للرد على كل من يحاول أن يخبرهم بأن الاعتصام فكرة شريرة للانقلاب العسكرى فى ثوب مدنى شيك، ولكن هل يجوز أن نسأل أنفسنا أولا: كيف يبحث المجلس العسكرى عن البقاء فى السلطة عبر استفتاء يأكل من وقت المرحلة الانتقالية ومن خزينة الدولة ويمدد فترة بقائه فى السلطة، وهو الذى يكرر دوما أنه لا يريد سلطة ولا بقاء؟ هل يجوز أصلا أن نستفتى الناس على شىء هم لم يختاروه من الأساس، أو بمعنى أدق: هل جاء المجلس العسكرى باستفتاء أصلا لكى يبقى فى السلطة باستفتاء؟ وكيف أقبل بفكرة الاستفتاء التى حاول الملك الفرنسى لويس استخدامها لإشعال الفتنة بين الشعب الفرنسى والنجاة من المصير الذى رسمته له الثورة الفرنسية؟ وكيف أقبل الاستفتاء على مجلس ثبت بالأرقام والفوضى التى نعيشها فشله الذريع فى إدارة المرحلة الانتقالية؟ وهل من المنطق أن أضع فى البطن بطيخة صيفى من ناحية المجلس الذى لم يف حتى الآن بوعد إيقاف العنف فى ميدان التحرير ومحافظتى الإسكندرية والسويس؟ كيف أصدق مجلسا عسكريا غير قادر على السيطرة على ضباط وزارة الداخلية الذين يضربون فى عيون الشباب وأجسادهم بغير هوادة؟ كيف أطمئن لمجلس عسكرى فشل فى فض اعتصام مكون من 200 شخص، وساهم بفشله فى إذكاء النار التى «تلسعنا» جميعا؟
أنا لا أصادر على حقك فى الديمقراطية كما تقول، ولا أصادر على حقك فى أن تؤيد المشير أو ترفعه فوق الأعناق وتسير به أميالا، فذلك حق لا أنكره عليك، ولكن أنا فقط أخبرك بأن الاعتصام فى التحرير لم يكن دعوة سياسية بقدر ما كان ثأرا لدماء شباب كل ذنبهم أنهم تخيلوا أن بعد ثورة يناير لم يعد من حق ضباط الشرطة قتل الأبرياء دون ذنب، أنا أطلب منك ياصديقى أن تسأل ضميرك: هل يجوز أن نبادل أى شىء بأرواح ودماء أكثر من 30 شابا كل ذنبهم أنهم يملكون شهامة الدفاع عن كرامتهم وكرامة 200 معتصم عزل، كانوا يطالبون بحقوق أبسط مما ينفقها السادة المسؤولون فى حفلاتهم الليلية.. استفتوا ضمائركم على الدم أولا قبل أن تستفتوا عقولكم على سيادة المشير.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم محمد محمود
كلام صغار ويقع فية الكبار
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
مقال رائع ولكن - مهما كان الشيطان ذكيا فانه يوسوس بالكذب والباطل - الشيطان له مبادىء
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد خلف
الكل يلعب على حبل السياسة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
اذا كان المذكور اعلاه شيطانا فلماذا الاسلاميين يرحبوا به وبوساوسه واكاذيبه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مروان
نعم للاستفتاء
نعم للحكم العسكرى
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud hussein
الصحفي الشيطانى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية حقيقية
فكرة المشير الشيطانية هذا اعتقاد خاطيْ وفكر مشوش اخي الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود حسن
من فى التحرير الان ليس ثوار
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور محمد علي
المشير تعني موظف كبير بالحربية ويتقاضي راتب من الدولة والاسلحة جزء من وظيفته من فلوس الدول
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد جابر
اختلف معكم كاتبى العزيز