السؤال الأهم لما حدث فى التحرير هو لماذا قررت الداخلية استخدام العنف المفرط ضد مجموعة لا تتجاوز 150 مواطنًا من مصابى الثورة وعدد من الثوار اعتصموا فى ميدان التحرير، فى الوقت الذى يلاحظ فيه المصريون التساهل مع البلطجية والخارجين على القانون الذين يهددون الأمن العام ويتعرضون للمواطنين وممتلكاتهم، بل لم يحرك الأمن ساكنًا أمام قطاع الطرق ووقف حركة القطارات فى الصعيد، ولماذا هذا الإفراط فى القوة مع اعتصام سلمى، وبدلاً من أن ترسل الحكومة ووزير الصحة أو وزير التضامن للتحاور مع المصابين والتحقيق فى الإهمال الجسيم فى التعامل معهم كانت الثورة العنيفة فى التعامل معهم.
وبناء عليه نهض العديد من الشباب إلى ميدان التحرير من المنتمين لمختلف أطياف الحياة السياسية، وهو الأمر الذى ردت عليه قوات الأمن المركزى بوابل من قنابل الغاز والدخان، لينتهى الأمر إلى سقوط قتلى بين صفوف الثوار أمام قوات الأمن المركزى، وسيطرة الثوار على ميدان التحرير من جديد على غرار الثورة المصرية فى يناير الماضى.
وهنا تفتح أحداث التحرير من جديد ملف التعامل السياسى للحكومة المصرية مع الأزمة السياسية، فقد فشلت الحكومة فى التعامل مع الأزمة وبامتياز ولعل هذا يتضح بقوة منذ اتخاذ قرار التدخل للعمل على فض اعتصام التحرير بقوة، وهو قرار لا يجد ما يدعمه من الناحية السياسية على الإطلاق، وكذا متابعة مشكلة مصابى الثورة، فكيف لمجموعة من الشباب ضحوا بأرواحهم من أجل البلاد - وحتى الآن لم يتم تفعيل صندوق مصابى الثورة - يتم التعامل معهم بهذه الصورة؟ وكيف يتم إهمالهم حتى يصلوا لهذا الحد من المعاناة وعدم اكتراث أحد من المسؤولين؟ من يتحمل مسؤولية هذا؟ وما يزيد من صعوبة الموقف فضلاً على فشل التعامل السياسى مع الأزمة هو فشل التعامل الأمنى هو الآخر مع الأزمة، فقد تعاملت قوات الأمن المركزى مع متظاهرى التحرير بذات العقلية التى تم التعامل بها مع الثوار إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهنا يتضح أن الثورة لم تغير بأى حال من الأحوال العقيدة الأمنية حيال المتظاهرين، وهذه كارثة بكل المقاييس.
فنحن فى كل وقت نطالب بفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين الشرطة ورجل الشارع من حماية أمن الوطن والمواطن، وأن يطوى صفحة الماضى الأليم بما تضمنه من قضايا تعذيب واعتقال للنشطاء وسوء معاملة للمواطنين داخل أقسام الشرطة، وأن يتم فتح صفحة جديدة من العلاقات الجديدة بين المواطنين والشرطة، لنخرج على مشهد أكثر مأساوية، بل وإن صح التعبير هو امتداد لمسلسل التعامل الأمنى مع ثوار 25 يناير فى حلقاته التالية. وهنا فإن أزمة التحرير من جديد فى مجملها هى نتاج الممارسات الحكومية التى أدت إلى استشراء الإحباط لدى جمهور الشباب والخوف على مستقبل الثورة والعملية الديمقراطية فى مجملها فى مصر، وخاصة فى ظل السياسة التى تتبعها الحكومة من إقصاء جميع القوى التى قامت بالثورة، وسيطرة تيار واحد على الحياة السياسية، مما يرجعنا إلى سيطرة حزب واحد على مقاليد الحياة السياسية فى مصر، ففى البداية تم الدخول فى نفق الانتخابات كوسيلة لتحقيق الاستقرار السياسى فى البلاد، وإقصاء التيار المطالب بالدستور أولاً.
ولكن للأسف فقد قادتنا الحكومة التى استمدت شرعيتها من ميدان التحرير للدخول فى نفق مظلم على التجزئة على المطالب السياسية المختلفة، ففى البداية دخلنا فى خلاف حول النظام الانتخابى الأمثل ، وحينما طالبت القوى بتطبيق قانون العزل السياسى خرجت علينا آخر نسخة من القانون تنص على كون من يريد تطبيق هذا القانون على أحد رموز الحزب الوطنى يجب أن يذهب إلى المحكمة لكى تطبقه، وهنا نطرح سؤالاً جوهريّا: لماذا تقف الحكومة فى وجه طموحات الجماهير والقوى السياسية التى تطالب بالتغيير الشامل وإرساء دولة ديمقراطية جديدة فى مصر.
إننا فى حاجة إلى أن تكون الحكومة قادرة على التفاعل مع قضايا الوطن ولديها قنوات اتصال سياسى لتقديم الحلول وليس خلق الأزمات، وأن تدرك أن سياسة القوة والتعامل الأمنى انتهت بلا رجعة وأن الحوار والتفاوض السياسى هو الطريق الأمثل للتعامل مع المصريين.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعيد
المناضل الافاق
عدد الردود 0
بواسطة:
kk
الكل عارف
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohammed Kamal Hantirah
هل من طريق أخر للنجاة
عدد الردود 0
بواسطة:
شاهد الشهد
الاجابة الصحيحة
الاجابة المجلس الأعلى
عدد الردود 0
بواسطة:
imad
لافته واحدة فقط!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
rashad
واضح انكم حافظين و بتسمعوا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
ياصديقى لم يكتمل النصاب بعد
عدد الردود 0
بواسطة:
XYZ
الذين يتحملون المسئولية هـــــــــــــــم الفلول