د. بليغ حمدى

حتى لا تحترق مصر

الجمعة، 25 نوفمبر 2011 10:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الآخر مصر المحروسة تحترق، وهناك منتفعون بحرقها، مصر تسير مضطربة نحو هاوية، وهى تبدو عجوزاً لا تستطيع الحركة والبناء والتنمية وتحقيق الحرية والعدالة وكل الشعارات الوطنية والسلفية والإخوانية والليبرالية والنورانية والوسطية والقبطية.

مصر تمرّ، كما ذكرت منذ فترة وجيزة، بعملية قلب مفتوح، لكن العملية تفشل وتعاد فتفشل وتعاد والمريض أصبح مهدداً بالموت، وأنا أثناء إجراء المريض لعمليته أرفض علانية فكرة تخلى المجلس العسكرى عن مهامه والأمانة التى كلف بها سواء من الرئيس مبارك المخلوع أو من الشعب.
مصر تحترق، والمارقون يمرون وسطها بوجوه غير معلنة، ولو ألقى الآن صاروخ صينى الصنع مما يلعب به أطفالنا فسنتهم الأمن والشرطة والداخلية والجيش وكل مسئول فى الوطن.
مصر تحترق، ونحن شعب اعتادت الشائعة فيه أن تنطلق بسرعة مخيفة، وما دام المواطن يشاهد تصاعد ألسنة اللهب والنيران المضطرمة وتساقط الضحايا، حسب بيان المشير والشهداء حسب مقتنع المتظاهرين، فمصر بذلك ستستمر فى الاحتراق.
مصر تحترق، والعاقلون يقل عددهم بهذا الوطن، علينا أن نغلق المدارس، ونغلق المؤسسات الأكاديمية، ونغلق المصالح الحكومية والمساجد والكنائس والمستشفيات والمحاكم ونوقف حركة الملاحة بقناة السويس، ونوقف حركة جريان نهر النيل ونعطى أمراً للسمك بالبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر بعدم الحركة بالماء، ثم نذهب جميعاً نتظاهر، وبالبلدى بلاها فكرة البلد والوطن والمحروسة والكلام الفاضى ونقعد نضرب ونشجب ونندد بالإسقاط والسقوط والتساقط.
القضية لم تعد وثيقة السلمى ولا الحكومية الشرفية برئاسة عصام شرف التى ذهبت، القضية أصبحت البحث عن سؤال من يملك أن يمنحنا المياه لإخماد حريق واحتراق مصر.
أنا لست مع فكرة إجراء استفتاء على استمرارية الإدارة العسكرية للبلاد، ولا مع التظاهر المستدام الذى لا ولن يهدأ، أنا مع إجراءات عملية سريعة، مثل وجود قرار محكمة صادر وينفذ بشأن قتلة المتظاهرين حتى يستريح هؤلاء. أنا مع الوجود الفعلى للشرطة، وإنهاء مسلسل الأيدى الناعمة لها بدون المساس بحرية وأمن وكرامة المواطن.
لقد ذكرت فى سطور سابقة أن مصر لم تعد بسيطة أو عادية منذ ثورتها البيضاء، وأنها أصبحت غير صابرة لتحقيق مطالبها التى لا تنفذ بين يوم وليلة، ومع ذلك فينبغى أيضاً الإسراع فى إنقاذ الوطن.
لقد أصبحت مؤمناً الآن أن هناك أصابع تدير الوطن من داخله وخارجة تريد إسقاط هيبة الدولة عن طريق التظاهر اليومى الحصرى ضد الجيش متمثلاً فى المجلس العسكرى، ووجود من يعبث بمقدرات الوطن من ثروات بشرية ومادية طبيعية واصطناعية حتى تسقط مصر وإن شاء الله لا ولن تسقط أبداً.
الآن جاء الدور على المحترمين المرشحين المحتملين لرئاسة مصر، وعلى المرشحين لمجلس الوطن أن يقوموا بدورهم تجاه هذا الوطن الذى يريدون أن يمثلوه لا أن يمثلوا عليه وعلينا، جاء الدور عليهم فى مساندة المجلس العسكرى فى إدارة البلاد وعودة الاستقرار والأمن والأمان لها، أن يتخلوا قليلاً عن الدعاية والخطب والمجاملات والعروض المسرحية ويذهبون للشعب المتظاهر وللأمن المتباطئ وينطلقون معاً لإعلاء شأن الوطن وإخماد حرائقه الملتهبة.
إن المفسدين فى الأرض الطيبة مصر قد فاقوا الحد، وانتهزوا فرصة إصابة المواطن بالغموض السياسى واضطرابه فى تحقيق مطالبه، فلعبوا على هذا الوتر، فوعدوه، وتارة دخلوا عقله لتدويره بأفكارهم وأهدافهم، والعقلاء من هذه الأمة والمرشحين والمحتملين بدأوا يتفرجون على مصر وهى تسابق الزمن نحو الضياع.
أصبح اليوم من الصعب توجيه نداء "أنقذوا الوطن"، لجهة محددة أو لجماعة معينة، أو لفرد بعينه، النداء أصبح نفسه مبهماً وبدا غريباً وبات عجيباً، النداء أصبح اليوم رجاءً وتوسلاً، من فضلكم مصر تحترق، سارعوا بالإطفاء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة