لم تشهد مصر منذ سنوات أحداثاً بمثل هذا العنف، الذى ما زلت أعتبره غير مصرى.. فمصر مهما حدث فيها من حروب وتجاوزات وأزمات لا تعرف العنف.. ففى كل الأحوال هو عنف وارد علينا.. لكن المشكلة الأكبر والأعمق هى حالة التشابك العظمى فى المصالح والأزمات والجذور، حالة الانشقاقات فى الحلول وحالة غياب وابتعاد الحكماء.. لم يعد هناك من يستطيع أن يجمع الناس حول كلمة سواء.. لم يعد هناك من يضمن حلولاً كاملة غير منقوصة وبعيدة عن أسلوب المسكنات، ولهذا ابتعد صوت الحكمة وتعاظمت الانفعالات.. ما نراه فى ميدان التحرير اليوم هو حالة من حرب أهلية أو هى بروفة حرب أهلية، ولكن المؤسف أن المحارب مصرى والمفترض أن يكون الخصم أو العدو - مصرى أيضاً - والكاسب هو الخاسر هو مصر الوطن الأم.. كل الأشياء تصب فى خانة الخسارة، فليست هذه هى مصر التى عرفناها ونعرفها كنا نطمع فى أن تكون إلى الأعلى بعد ثورة 25 يناير التى اعترف بها العالم أجمع، وقدرها العرب وقلدها كثيرون فى دول كبرى.. نحن اليوم ويجب أن يعرف أبناؤنا تماماً - إننا مستهدفون من كثير من الأعداء فى الخارج وأكثر من الخارج - أعداؤنا فى الداخل.. وهل يعقل أو هل يغيب أو يجب ألا يغيب لحظة واحدة أن ما يحدث اليوم فى مصر فى ميادين التحرير والمحافظات الكبرى الإسكندرية والسويس والإسماعيلية وبعض محافظات الصعيد - ليس مصادفة - فانتخابات البرلمان على الأبواب - وهى أول انتخابات بعد الثورة، وكلنا أمل وترقب أن تفرز استقراراً وشموخاً للحياة السياسية فى مصر - ورأس الدولة والحكومة حريصة على إجراء الانتخابات فى موعدها.. لضمان مستقبل أفضل، فهل ما يحدث اليوم شىء عادى؟!.. لماذا تشتعل النار اليوم بالتحديد؟!.. تزداد اشتعالاً مما يهدد بتأجيل أهم انتخابات مصرية منذ ستين عاماً.. الأمر به روح المؤامرة، البعض لا يريد إجراء الانتخابات وكأنهم يحاربون الأعداء.
وكثيرون لا يبتغون الخير لهذه الانتخابات لأنها بالتأكيد ستغير إلى الأفضل، وستنطلق بكل المصريين إلى آفاق من الاستقرار وضمانة المستقبل للأجيال.. ووسط كل ذلك يؤلمنى بعض المتحولين فى الإعلام الذين يريدون تحسين صورهم فإذا بهم ينافقون ويخدعون الحقيقة وينعكس ذلك بالسلب على مصر، أما كثير من الفضائيات فقد لجأ إلى أعنف الأساليب وتحولت بعض برامج التوك شو إلى المزايدة وإشعال الحرائق، وبدلاً من تعاظم صوت الحكمة لا نرى سوى الأصوات التى لا تعرف الحقيقة وأقول لهم اتقوا الله فى مصر.. هؤلاء لا يعرفون الشعب المصرى ويتاجرون به ويستمرون فى اللغط بلا خوف ولا تردد وبلا قيم ولا ضمير.. الإعلام لابد أن يكون مستنيراً وذا بصيرة.. خاصة فى هذه الأوقات الصعبة التى تتدهور فيها الأحوال.
وتحترق فيها مصر.. فإلى متى يستمر هؤلاء فى مؤامراتهم وفى اللعب حول الأجندات غير المصرية.. كيف يمكن أن يصل الصدام بين المصريين من جهة وبين الجيش من جهة أخرى.. ونعرف جميعاً أن الجيش التزم ويلتزم بأقصى درجات ضبط النفس، ولكن لابد أن يكون هؤلاء المحتجون ذوى ضمير وعقل.. وإلى متى نسمع كلمة ارحل التى يعتبرها البعض كلمة سحرية؟!.. الحقائق تتداخل برغم أن الحقيقة الأكبر هى أن مصر لن تنهزم ولن تموت ولن نسمع نحن الأغلبية العظمى نحن الشعب نحن الغالبية الصامتة أن نكون صامتين بعد اليوم وسوف ننتصر لصوت العقل حتى تعود مصر التى ذكرها القرآن الكريم وحفظها.
لنظل دائماً مصر رافعة راية «ادخلوها إن شاء الله بسلام آمنين».