ميدان التحرير هو بوصلة المصريين للاتجاه الصحيح بعد ثورة 25 يناير، لذا لم أدع جمعة تفوتنى للخروج إليه حتى لو كنت مختلفا مع من يخرجون، وحين كنا فى جمعة 18 نوفمبر كان جمع غفير من المصريين هناك يرفضون وثيقة السلمى، ويرفضون حكم العسكر وينادون بسقوطه.
مفهوم الجماعة الوطنية التى تعنى التيار الرئيسى لمصر يتحقق فعلا فى ميدان التحرير، لذا أجد نفسى منحازا لهذه الجماعة، فهم التيار الرئيسى، وهم البؤرة والعمق الذى نجتمع إليه.
لذا فإن من هم خارج التحرير من الأحزاب والجماعات والحركات لا يدخلون فى معنى الجماعة، ولا يملكون شرعية التحدث باسم المصريين وجماعتهم التى فى التحرير، هم يتحدثون باسم أحزابهم وحركاتهم الخاصة التى سئمها أهل الثورة والثائرون.
من بين هؤلاء مشايخ وأحزاب إسلامية وجماعات تقليدية قالوا لا تذهبوا إلى التحرير، ولكن الجماعة الوطنية لم تصغ إليهم وانطلق الشباب إلى الميدان، شرعية تلك الأحزاب وهؤلاء المشايخ أصبحت فى الميزان, روح مصر التى كانت فى الميدان عقب ثورة 25 يناير كانت تجعل عيناى تدمعان وأقول بصوت عالٍ جدا الله أكبر يا مصر.. وأنا لا أصدق أن الشعب قد ثار على الطاغية.. مشهد لم نكن نحلم أن نراه.
وروح مصر تعود من جديد للميدان وأمشى منسابا بلطف بين الوجوه لأجد روح مصر الحية تعود مجددا للميدان، أرى شبابا كثيفا يرتدون الأزياء الغربية وشابات يجمعون بين الحجاب والتبرج وبعض مظاهر التحرر، وأرى لحى كثيفة لشباب آخرين يرتدون جلابيب، وآخرين يرتدون معاطف، وأرى زملاء لى فى الجامعة وفى الصحافة وأصدقاء عرفتهم فى الثورة الأولى، وأرى شبابا يحاولون تنظيف الميدان، وأرى شبابا يدافعون عن الميدان فى مواجهة قمع الشرطة وبطشها، وتدمع عيناى من جديد لأقول ها قد عادت من جديد روح ميدان التحرير.
هذه المرة أصيب ابنى عبدالله فى رجليه برصاصة كسرت ساقه فانكفأ على وجهه، وانطلق الشرط يحميهم الجيش يطلقون عليه الخرطوش فى وجهه وفى ظهره وهو منكفئ على الأرض، وشعرت بروح الميدان تعود من جديد فليست روح الميدان مجرد فرجة على ما يجرى ولكن مشاركة وتحمل لأعباء ما يفرضه الميدان فى مواجهة الطغيان إلى حد الاستشهاد أو القتل أو الإصابة، كتمت ألمى فى نفسى ولكنى قلت لها إننى كبقية الجماعة فى الميدان جئت لا للعب ولكن للجد بما فى ذلك بذل النفس والنفيس من أجل الوطن.
بيان المشير جاء من خارج الميدان، ومن جلسوا مع المجلس العسكرى كانوا خارج الميدان، ومن يغض الطرف عن الاستمرار فى إطلاق النار على شباب الميدان هو من خارج الميدان، ومن يلهث وراء الانتخابات فى ظل العنف الجارى الآن هو خارج الميدان.
صوت الميدان هو من سيقرر المشهد السياسى القادم فى مصر، لا يكفى إقالة حكومة شرف، ولا يكفى أن يقول المشير نريد استفتاء على بقائنا فى السلطة أو وعودا مائعة بنقل السلطة فى يوليو المقبل، الميدان يريد حكومة إنقاذ وطنى حقيقية بأجندة واضحة وصلاحيات كاملة لتحقيقها وترتيبات واضحة لكيفية نقل السلطة إلى رئيس منتخب، وقبل ذلك كله وقف إطلاق النار على شباب التحرير.