بين أعضاء الجسم حظيت «العين» بتقدير خاص فى ثقافتنا ووعينا العام، فضلاً على الثقافة الرسمية إذا أراد أحدنا اختبار صدق الآخر يقول له «عينى فى عينك» والمعنى أن اللسان يكذب لكن العين لا يمكنها الكذب، وإذا شعرنا بأن أحدنا لديه شعور بالحسد تجاه الآخرين وصفناه «أبو عين صفرا» ويقال فى المثل السائر «العين فلقت الحجر»، ولو كنا بإزاء شخص ذليل.. منكسر ومهان رميناه بأنه «عينه مسكورة» وإن وقفنا أمام إنسان يمتلئ تحديًا أو صلفًا بإزاء الآخرين قيل إنه «عينه يدب فيها رصاصة».
لن أقف عند الشعراء، سواء منهم الرومانسى أو الفلسفى وما كتبوه عن العين وما تحمله من جمال ودلال أو ما تبوح به من المشاعر والأفكار، فضلاً على ما تكشفه من غياهب النفس ومكنوناتها.
الكتب السماوية وضعت العين فى مكان خاص، إذ اعتبرتها دلالة على الإنسان كله «العين بالعين» هكذا جاء فى القرآن الكريم، وفى التوراة أيضًا، فى مجال رد الاعتداء ودفع الظلم عن الإنسان وعن المجتمع كله، بل إن كتب الفقه الإسلامى تتحدث عن الممتلكات الخاصة باسم «العين»، فيقال «العين المملوكة لفلان» ليس هذا فقط بل إن الأحاديث النبوية حدثتنا كثيرًا عن «العين» التى تبكى من خشية الله والعين التى باتت تحرس فى سبيل الله، وهكذا..
ويضم التراث الصوفى الكثير والكثير عن العين.. وبسبب هذه المكانة للعين يقال دائمًا إن العين عليها حارس، والمقصود - هنا - أن الله سبحانه وتعالى - يحمى العين الإنسانية ويحرسها من المخاطر، وفى المجتمع المصرى قديمًا حين كان الصبيان يلهون بضرب النبال كان الآباء والكبار يقولون لهم فى معرض التعليم والتنبيه: ابعد عن العين ونشن. باعتبار أن العين لا تتحمل، ولا يجوز الاقتراب منها بالإيذاء حتى وإن كان فى معرض من اللعب والمرح.
الغريب أن يقوم بعض من يسمون قناصة بإهدار ذلك الميراث الإنسانى والأخلاقى والثقافى فى التعامل مع «العين» فوجدنا عددًا منهم يستهدفون المتظاهرين فى «العين» فإن عددًا من الشباب ومن المصورين الصحفيين تم استهدافهم فى «العين»، أصبحت العين محل الانتقام وموضع الاستهداف والقتل البطىء، هم يدركون أن الطلقات «الخرطوش» قد لا تكون مؤذية بالقدر الكافى الذى يشبع نهم الانتقام والقتل لديهم إذا وجهت للسان أو للقدم، لكنها تكون مدمرة للعين، وتفقد صاحبها حاسة مهمة وتشوهه، أى شيطان درب هؤلاء القناصة؟ وأى مجرم قرر اختيار العين تحديدًا؟ وما هذا التفنن فى الانتقام؟!
لا أريد أن أناقش الموقف السياسى فى ذلك كله، لكن رئيس الحكومة «المستقيلة» د. عصام شرف أقر بحق المواطن فى التظاهر السلمى، والقانون المصرى يقر للمواطن هذا الحق، فلماذا التعامل العنيف الإجرامى مع المتظاهرين؟ ولماذا اختيار هذا الأسلوب تحديًا؟ من أقره؟ ومن أمر به؟ ومن نفذه؟
هناك الآن عدة بلاغات أمام السيد النائب العام من مجلس نقابة الصحفيين ومن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومن مواطنين ضد ملازم أول شرطة بأنه استهدف عيون المتظاهرين والمصورين الصحفيين الذين كانوا يمارسون عملهم وتعرضوا لقنص، لن أتوقف عند اسمه فالموضوع أكبر منه، هناك من كلفه بذلك وأعطاه أمرًا مباشرًا، وهناك من دربه وأعده لذلك، وهؤلاء جميعًا يجب أن يشملهم التحقيق ويوجه إليهم الاتهام، لكن الأهم من ذلك كيف نعد ضباط الشرطة ونعيد تكوينهم وتدريبهم، ملازم أول، يعنى أن عمره بالكاد يبلغ 22 أو 23 عامًا، كيف تم قتل الإنسان داخله وبناء شرير على هذا النحو؟ إذا كانت كلية الشرطة تعد أبناءنا على هذا النحو فيجب إغلاقها فورًا. الموضوع أكبر من هذا الضابط ومن تحقيقات النائب العام، سوف يتابع النائب العام الشق الجنائى، لكن الباقى كله يحتاج وقفة وإعادة نظر جادة مع هؤلاء، بدءًا من إعدادهم وتكوينهم وتجهيزهم ليصيروا وحوشًا على هذا النحو.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كوكو
رمز كتلة الكنيسة المصرية
عدد الردود 0
بواسطة:
انتخبوا رمز العين
انتخبوا رمز العين
بتحبوا مين ؟؟؟ الكتلة المصرية .. رمز العين
عدد الردود 0
بواسطة:
saeed
العين بالعين
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر مجاهد
الكتلة الصليبية