الحسنة الوحيدة فى الأحداث الدامية التى شهدها ميدان التحرير أنها أعطت درساً بليغاً لتجار السياسة ومحترفى الظهور فى الفضائيات والمؤتمرات وخلافه، فلأول مرة يغلق الجيل الثانى من شباب الثورة، جيل الشهور التسعة، الميدان أمام ملوك الطوائف السياسية ويطردون من دخل منهم ويعلنون أنه لا منصات ولا ميكروفونات ولا خطب عصماء أو مزايدات بعد اليوم.
شباب مستقل دون العشرين يسيطرون على الساحة، يرفعون العلم المصرى دون غيره من الرايات ويرفضون وجود أى مجموعة تنتمى للأحزاب والتيارات السياسية بل واتهموها صراحة بالبحث عن المال والسلطة على حساب المصالح العليا للبلاد، ولذلك وبناء عليه صدر فرمان بمنع أصحاب الرتب الثورية المزيفة ووكلاء القنوات السرية لبيع وشراء واستبدال النضال.
لكن ماذا بعد هذه الحسنة الوحيدة؟ ماذا بعد انقسام الميدان حول التصويت فى الانتخابات البرلمانية التى تنطلق غداً الاثنين؟ هناك كثيرون مصممون على رفض الانتخابات دون سبب وجيه، وهناك من يطالب بتأجيلها أسبوعاً أو أسبوعين لحين حسم الأحداث الدامية الأخيرة والتى شهدت سقوط أكثر من أربعين شهيدا، لكن وجهة النظر هذه لم تحظ بالتوافق أو الاستجابة، وأصبحت الانتخابات البرلمانية جزءاً من الواقع علينا التعامل معه.
الرأى الأصوب من وجهة نظرى أن يحرص المعتصمون على الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات بمثل حرصهم على الاعتصام أو التظاهر، فليس بالمظاهرات والمليونيات وحدها يحيا الإنسان وتبنى البلاد ويقوم الاقتصاد ويصبح الوزراء ملائكة يعملون ستين ساعة فى اليوم ويبتكرون حلولا سحرية لمشاكلنا المزمنة
أيضاً، لأن فى المشاركة بأول انتخابات حقيقة فى مصر منذ ستين سنة تقريبا نوعًا من المسئولية حقيقة فى بناء بلدنا، كل منا يختار من يراه الأجدر بتحمل المسئولية خلال المرحلة المقبلة، يختار من يمنحه توكيلا بالتحدث باسمه والتصرف باسمه واتخاذ القرار بدلا عنه، وإلا فلا يجب أن تلوم إلا نفسك عندما تجد أفاقاً أو ممثلاً هزلياً فاشلاً أو مهلباتيا يحمل توكيلاً باسمك، لأنك تساهلت وتقاعست ورفضت أن توكل الشخص المناسب بإرادتك، فجاء ما ترفضه رغماً عنك.
من ناحية أخرى، إذا كان أداء المجلس العسكرى لا يعجبنا أو أنه طامع فى السلطة وحكومة الدكتور جنزورى مرفوضة وعليها علامات استفهام وتعجب كثيرة، طيب لماذا لا نفوت عليه الفرصة ونحرص على إتمام الجدول الزمنى للانتقال بحذافيره بدءاً بانتخابات الشعب ثم الشورى والانتخابات الرئاسية، حتى نفضها سيرة ويصبح لدينا مؤسسات دولة ونختار رئيسنا المنتخب، حتى نتخلص من هذا الحكم المرفوض وبالمرة نوقف نزيف الاقتصاد ونبعد أشباح الصوملة واللبننة والسودنة واليمننة وغيرها من الأشباح المرعبة التى تنزل بمستوى الدولة المصرية؟
أعتقد أن كل أطياف العمل السياسى والإعلامى تسهم بدرجة أو بأخرى فى التضليل وعرقلة عملية الانتقال السلمى للسلطة وتدفع باتجاه الاستفزاز والتهييج بدلا من تقديم نموذج للعمل والإنتاج بالتوازى مع مراقبة تنفيذ المجلس العسكرى لالتزاماته
أعتقد أننا جميعاً مذنبون.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
انتم المهيجون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
الكتله المصريه وحزب العدل سيكتسحان الباقى باذن الله
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوالنجا
بصراحة