اليوم هو الثانى فى المرحلة الأولى للانتخابات، ولأننى أكتب هذا المقال قبل بداية اليوم الأول فلا أعلم ما الذى حدث أو سيحدث، لكنى دعوت من كل قلبى أن تمر الساعات القادمة بخير وأن نضرب المثل للدنيا على أننا شعب متحضر وأننا بكل اختلافاتنا السياسية والحزبية لابد أن نتوحد أمام هذه اللحظة الفارقة فى تاريخ هذا البلد، لأنه لأول مرة تقريبًا منذ دستور 23 بعد أول ثورة فى تاريخ مصر الحديث ثورة 19 يتم إجراء انتخابات حقيقية، كل ما كان يجرى بعد ذلك فى مصر كان تمثيلية للديمقراطية، كان مجرد جزء من ديكور مزيف ومصطنع يعلم صانعه.. وهو النظام الحاكم أو السلطة، إنه يمثل على الجمهور وهو الشعب، وكان الشعب يبلع التمثيلية ويصفق وهو يسخر من أن السلطة تصدق ما تفعل وما تمثل، وفى كل مرة كان الجمهور يشخر فى الصالة لأن النواب يشخرون فى البرلمان، إنه شخير متواصل على مدى عقود من الزمن، فقد فيها المصرى انتماءه للوطن وإيمانه بالحكم ويقينه أنه يومًا ما سيصبح مثل خلق الله فى الدول المتحضرة حتى جاءت ثورة يناير، وعاد هذا اليقين والانتماء، وصفق العالم لنا، واعتبروا ثورتنا إلهامًا لهم، هل نستطيع أن نكمل الثورة بنفس الأداء من الإخلاص؟ هل نستطيع أن نضرب المثل فى الممارسة والاستحقاق للديمقراطية؟ نعم نستطيع.. إننا ثرنا ثورتنا الثانية فى ميدان التحرير، وكسبنا من «العسكرى» اعترافه بأنه سيترك الحكم قبل مايو 2010 بعد أن تسرب إلينا الشك أنه جاثم وقائم واختلط المناخ العام بموجات اليأس والإحباط خصوصًا بعد اختيار الجنزورى، لكن الآن لا شماعة نعلق عليها جلباب اليأس، ولا حجة نشق بها جدار الاصطفاف الوطنى، من يريد المحاصصة السياسية ومقعدًا فى البرلمان فليتحرك، ومن يريد ألا يتم خطف مصر لصالح فصيل بعينه فلينزل وليقف مبكرًا وليؤد واجبه تجاه هذا البلد، وليعلم أن حلم مصر القوية لن يتحقق إلا بانتخاب برلمان قوى غير مختطف.. صحيح هناك أشواك وحفر وعقبات لكن السعى الآن حتمى، والذهاب للصندوق لا حل غيره، لقد سمعت عبارات فى ميدان التحرير حول رفض حكومة الجنزورى كلية والأسماء المرشحة من الميدان، وسمعت فى العباسية كلمات حول ديكتاتورية ميدان التحرير، وأن الكتلة الثائرة قليلة وأمامها الكتلة الصامتة التى تتجاوز الثمانين مليونًا، ودعونى هنا أحيى هذه الكتلة التى تحركت وقالت نحن لم نعد صامتين من اليوم، وإننا سنتحول وسنتكلم وسنصوت، ودعونى أطلب من الذين أطلقوا عليهم إنهم «عباسية خالص» أن يحترموا رغبة من يختلف معهم فى وجهة النظر، أليست هذه هى الديمقراطية؟ علينا جميعًا الذهاب لصندوق الانتخابات سواء كنا فى التحرير أو العباسية حتى لا نندم بعد أن لا ينفع الندم.. حمى الله مصر من كل سوء وشر.