محمد الدسوقى رشدى

الناخب المصرى أعظم وأشرف من القيادات السياسية والمرشحين

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011 08:34 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس كانت الطوابير حلوة رغم سابق العداوة التى تربطنا نحن المصريين بها، وكان الانتظار ممتعاً بعد أن ظل لسنوات رمزاً للملل، وكان للزحمة طعم آخر غير الضيق الذى كنا نشعر به من قبل.

بالأمس كان هناك نوع آخر من المتعة التى كانت مفقودة.. متعة النظر فى وجوه وملامح مرتاحة لا تخشى من ضربة عسكرى، ولا تخاف على صوتها من الدخول فى الصندوق، وهو يقول «نعم»، والخروج منه وهو يقول «لا» أو العكس.

دعك من الانتخابات ونتائجها حتى لا تشغل بالك عن ذلك الحدث المهم، والذى يمكنك أن تلخصه فى الخروج الاختيارى من المنزل، والوقوف الاختيارى فى الطابور من أجل الإدلاء بأصوات كان المرشحون يدفعون فى الواحد منها ألفا ويزيد، ويأتون بالسيارات لتأخذ صاحب الصوت من فوق السرير إلى أمام الصندوق.. ركز مع اكتشاف الشعب المصرى لنفسه ولحقوقه ولقدرته على صنع الفارق. ومع ذلك الإيمان الذى بدأ يترسخ داخل كل واحد فينا بأن صوته أصبح له قيمة، أو بأنه نفسه أصبح له قيمة.

ملخص الأشياء بالأمس كان ممتعا رغم بعض التجاوزات القليلة والمحزنة، ولكن يمكنك أن تمحوها بصور أخرى من التحضر والتفاهم والاحترام ملأت جميع اللجان فى مختلف محافظات المرحلة الأولى، هل كان أحدكم يتخيل أنه قد يترك زوجته أو ابنته أو أخته فى يوم من الأيام تذهب بمفردها أو حتى معه إلى لجنة انتخابية؟.. أجب عن هذا السؤال، وستعرف ما الذى تغير وما الذى كسبته مصر من يوم أمس؟
كان كل شىء بالأمس ممتعاً إلا هؤلاء الذين حولوا الانتخابات إلى معركة دينية يخوضونها باسم الله أو الرب، وهؤلاء الذين استسهلوا اتهام المخالفين معهم بقلة الوعى والفهم.

الناخب الذى تراه القوى السياسية فاقدا للأهلية ويحتاج دائما إلى من يأخذ بيده أدى دوره بشكل جيد ومنظم وقانونى، بينما المرشحون والقيادات السياسية للأحزاب والتحالفات والحركات المشاركة فى الانتخابات لم ترق إلى ذلك المستوى الحضارى الذى وصل إليه الناخب المصرى، بعضهم -أى قيادات الأحزاب والمرشحين- لم يحترم يوم الصمت وأصر على تجاوز القانون ومواصلة الدعاية، وبعضهم راود المواطنين عن أصواتهم بالمال، وبعضهم سعى لابتزاز المواطنين باسم الدين، بينما الليبراليون واليساريون منهم لم يخجلوا من قصر دعايتهم على أنهم طوق النجاة من طوفان التيار الإسلامى الشرير دون أن يقدموا للناس بديلا حقيقيا ببرنامج وخطط واضحة.

سأطلب منك الآن أن تلخص رؤيتك لنفسك أو ترسلها لنا لأحداث أول يوم فى انتخابات ما بعد الثورة ولكن قبل أن أتركك لتفعل ذلك اقرأ أنت ما دونته من ملاحظات:
1 - الحرص على المشاركة والإحساس بالمسؤولية وبأن الصوت أمانة بعد عهود طويلة اتخذنا فيها الطناش المبنى على اليأس مذهبا، أهم المكاسب، سأقول لكم إن سيدة كفيفة التزمت بمكانها فى الطابور تعلو الابتسامة فوق وجهها ورفضت كل مبادرات تقديمها للأمام فى الطابور ودخول اللجنة سريعا احتراما لظروفها، وردت على تلك الدعوات بجملة واحدة تقول: (ده يوم «المنى» إنى أقف كده بالساعات علشان البلد دى تبقى محترمة وعلشان أموت وأنا مطمنة على العيال)، ثم أضافت السيدة الكفيفة جملة فلسفية لخصت فيها ما تحتاجه مصر وبرلمانها فى المرحلة المقبلة: (أمانة عليكم بلاش ترموا أصواتكم فى صفايح الزبالة.. خلوها للى يستحقها).

2 - بدت «الكنبة» التى نتكلم عنها وعن أهلها الصامتين أعلى صوتا وأكثر جلجلة وفرحا بصندوق الانتخابات، وأوضحت أنها جاهزة للمشاركة طالما كانت الأمور واضحة وبعيدة عن الارتباك.

3 - اكتشف أهل اليسار والليبرالية أنهم فى حاجة إلى مراجعة دفاتر حساباتهم وإعادة اكتشاف مواطن الخلل فى علاقتهم مع الشارع، بعد أن اتضح أن الإخوان والجماعات الإسلامية كانوا الأكثر انتشاراً وتنظيماً، ولكنه تنظيم لا يرفع عنهم حرج رفع الشعارات الدينية واستخدامها فى مداعبة مشاعر الناخبين.

4 - يمكنك أن تقول إن اليوم الأول من الانتخابات رائع، وروعته ستكتمل مع اكتمال صورة الانتخابات على هذا النحو، ثم ستزداد تلك الروعة بهاء حينما ينجح المصريون فى تنصيب أنفسهم مراقبين على نواب البرلمان القادم وفضح أى نائب خان عهده ووعده، والإبقاء فقط على نواب لا حصانة لهم إلا أسفل القبة، ولا همَّ لهم سوى خدمة الناخب والوطن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة