جاءت الموجة الثانية من الثورة المصرية فى 18 نوفمبر لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الموجة الأولى للثورة فى 25 يناير مجرد بداية لنضال طويل مستمر ومتواصل ضد نظام تغلغل فى مفاصل وعظام وأعصاب مصر، أفسد كثيراً من النفوس الضعيفة التى ارتضت نعل نعال الحكام، أيا كانت صفاتهم وأسماؤهم، وكشفت الموجة الأولى للثورة عن هشاشة وتفاهة الأحزاب المصرية قديمها وحديثها، وسعى قياداتها إلى الحصول على أى مكاسب سياسية رخيصة، وسارع الجميع لعقد الاتفاقات والصفقات مع المجلس العسكرى فى الخفاء، ثم تخرج علينا تلك القيادات فى العلن، ومن داخل استديوهات الفضائيات لمهاجمة العسكرى، وكانت النتيجة صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية مشوهاً وإعلان دستورى جعل من العسكر آلهة، وظهر فى كل حزب عبده مشتاق جديد.
وقام المجلس العسكرى ومنذ بداية الثورة ظل يزايد على المصريين بأنه حمى الثورة، ويمنون علينا( لا يا سادة الشعب يمن عليكم أن وثق فيكم فى البداية) وعندما ضاق الشعب ذرعاً بكل ما يحيط به من التفاف على مطالب الثورة، وافتتاح مهرجان البراءة لقتلة الثوار، والارتفاع المذهل فى الأسعار دون مبرر، هب ليثور على المخادعين والمنافقين ليقدم المصريون مرة أخرى دماء ذكية طاهرة، وعدد كبير من المصابين الذين يحملون أوسمة شرف بعاهاتهم، عند ذلك فقط هبّ المجلس العسكرى مدافعاً عن سلطته التى ورثها من مماليك مزرعة طره، واستخدم نفس أسلوب المخلوع مبارك بكل كذبه ونفاقه، وألقى المشير طنطاوى بفتنة الاستفتاء، كى يلعب على وتر مشاعر البسطاء من الشعب المصرى، ظناً منهم أنهم سيأكلون "البالوظه" مرة أخرى كما كانت الأحزاب فى غفلة كعادتها، ثم أرادات ركوب الموجة، فكان جزاؤهم الطرد من ميدان التحرير، ميدان العزة والشرف. وانتهز فلول النظام السابق الفرصة، فأرسلوا بعدد من البلطجية ليندسوا بين الثوار لتشويه صورتهم أمام الشعب المصرى.
ولكن هل سينجح مخطط العسكرى والأحزاب والفلول، بالطبع لا ومليون لا، فالله حمى الثورة منذ البداية، وهو بقدرته تعالى سيتم نصره وفضله على مصر وأبنائها، وسيعود لمصر وجهه الحقيقى الناصع البياض، الذى غاب عنها لفترات طويله، لأن الشعب اشتاق للحرية، وإذا كان للعبودية ثمن فالحرية لها أثمان، ودماء الشهداء هو الثمن البخس الذى نقدمه لمصر، فداء لها ولشعبها، ومن المؤلم أن يخرج المجلس العسكرى على لسان اللواء ممدوح شاهين ليقول إن مجلس الشعب القادم سيكون عبارة عن (مكلمخانه) لتفريغ شحنات الغضب، دون أى صلاحيات تشريعية أو رقابية، هل نصدق أن أى انتهازى تعوّد على الانصياع الأعمى للأوامر، سيترك فرصة أتته على طبق من ذهب لوراثة مملكة الوريث المخلوع جمال القابع فى بورتو طره . الله الوطن الثورة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة