يبدو - والله أعلم - أن حكومتنا الرشيدة، وقيادة ثورتنا المجيدة، لها مثل أعلى تقتدى به ولا تتراجع عن تقليده، وهذا المثل الأعلى يا حضرات هو «السلحفاة» «لا حول إلا بالله!» وقبل أن أتحدث عن أسلوب السلحفاة هذه والذى يكاد يخنقنا، أذكر لكم - من باب الترفيه - أن إحدى النكات التى كانت تنتشر فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق كانت تقول إن رئيس الوزراء أحمد نظيف أهدى الرئيس مبارك «سلحفاة» استوردوها خصيصا لسيادته من الخارج، وعندما نظر إليها مبارك باستخفاف وقارنها طبعاً بالهدايا المليونية الفخمة قال ساخرا لأحمد نظيف: إيه يا سيدى الهدية بتاعتكم دى؟! فقال له نظيف: «يا سيادة الرئيس هذه سلحفاة نادرة ويكفى أنها تعيش 200 سنة!!» فقال مبارك: «طيب يا سيدى أهه إحنا قاعدين وحنشوف!!» ودلالة النكتة المصرية الذكية واضحة، فالرجل كان يعتقد أنه «معنا (وعلى قلبنا) لغاية 200 سنة كمان»، طبعاً بمنطق الجمود والبطء الذى وصفوه بالاستقرار!!
المهم أنه يبدو - والله أعلم - أن شبيه أحمد نظيف «مثل الفقيه القانونى إياه» أهدى حكومتنا وقيادتنا سلحفاة «ليس قيمتها فى أنها تعيش 200 سنة، ولكن لتميزها فى أنها تسير ببطء رهيب!».
وقد يسألنى سائل: ما دليلك يا سيد على أن حكومتنا تؤمن فعلاً بمبدأ السلحفاة وتعتبرها مثلها الأعلى؟! وأقول أنا على الفور: خذ عندك يا عزيز القارئ المتسائل بعض الأمثلة: - بعض نجاح الثورة فى إسقاط رأس النظام وبعد رموزه، قرأنا وسمعنا وشاهدنا ما يؤكد أن تحركا مهما لاستعادة الأموال المنهوبة التى بلغت المليارات من الدولارات والآلاف من الأفدنة والعقارات والسيارات، وقد دفع التفاؤل بعضنا إلى التحدث عن نصيب كل مواطن من هذه الأموال التى سيتم استردادها قريباً، حتى إن المظاهرات والاعتصامات الفئوية المطالبة بتحسين الأحوال المالية انتشرت انتشار النار فى الهشيم، وشجعتها الوعود الساذجة بإمكانية الاستجابة لها، لكن الأيام مرت، والأسابيع مرت والشهور مرت إلى أن وصلت - بسلامتها السلحفاة - لتقول لنا: «أبشروا فقد صدر حكم محكمة جنايات الجيزة الخاص بقرار المستشار عاصم الجوهرى رئيس جهاز الكسب غير المشروع بمنع الرئيس السابق وأفراد أسرته «الملكية» وسكرتيره الخاص من التصرف فى أموالهم السائلة والعقارية والمنقولة!!» «بعد إيه؟ بعد أن نجحوا فى غسل أموالهم وتهريبها وإخفاء معالمها؟!
ولأن الأمثلة «السلحفائية» كثيرة، وتحتاج إلى أضعاف المساحة المخصصة لمقالى، فإننى أكتفى بآخر هذه الأمثلة، حيث سمعنا منذ شهور عن الاتجاه إلى تفعيل «قانون الغدر» الذى تحمست له معظم القوى السياسية واتفق رأيها على غير العادة - فى ضرورة الإسراع بتنفيذه، وتطوع البعض فى عمل «نيولوك» لهذا القانون بإطلاق أكثر من اسم له «بدلاً من حكاية (الغدر) دى» ثم استقر الأمر عند مسمى «قانون إفساد الحياة السياسية» لتمر الأسابيع والشهور إلى أن يعلن الدكتور على السلمى عن دخول هذا القانون فى مراحله النهائية، ليعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء، ويعرض بعد ذلك على المجلس الأعلى للقوات المسلحة «مين يعيش؟!» والمثير أن الدكتور السلمى طمأننا بأن القانون سوف يصدر قبل الانتخابات البرلمانية، وطبعا سيادته تجاهل أن البطء السلحفائى سيتيح الفرصة للفلول كى يلجأوا للقضاء «السريع» لإبطال مفعول هذا القانون!! والمثير للدهشة والأسى أن هذا البطء «الذى يرى البعض أنه تباطؤ» يسير فى عكس الاتجاه تماما لانطلاقة ثورتنا التى بهرت العالم بسرعة تحركها وتحضر منهجها؟ فما رأيكم - دام فضلكم - فيما تفعله فينا «السيدة السلحفاة»؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
dr.ahmed
رائع
تشبيهات رلئعة من كاتب متميز جدااااا
عدد الردود 0
بواسطة:
سويسي وأفتخر
ومازالت سياسية ( السلحفاه ) مستمرة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله المنسي
حكومة وقف الحال