وثيقة «الانقلاب» على السلطة

«وتحقيقًا للانقلاب الصريح على الثورة والسلطة، إهدارًا لدماء الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم فداءً للحريّة التى ناضلوا لأجل انتزاعها، واغتصابًا للسلطة وضربًا بالإعلان الدستورى والأغلبية التى صوّتت فى الاستفتاء عرض الحائط... نقدِّم لكم هذه الوثيقة لإعطاء شرعيّة - ولو مزيفة - للمجلس العسكرى لحكم البلاد.

كان يجب أن تكون هذه الفقرة هى تقديم «إعلان المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصريّة» الذى تقدّم به «على السلمى» فى محاولة منه للعب دور المُحلِّل فى علاقة آثمة، وغير شرعية بين المجلس العسكرى والثورة المصريّة، بعد أن فشلت كل محاولات المجلس فى السيطرة على الحكم بطريق مباشر، ووجد نفسه أمام انتخابات قادمة - رغم ما فى نصوصها من بشاعة - يجب أن تكون هى صاحبة القرار كوكيل عن الشعب فى أمر الدستور والحكم، لكن يبدو أن المجلس العسكرى قرّر أنه لا كلمة لأحد غيره، فلا شعب، ولا برلمان، ولا حتى رئيس منتخب، فقط المجلس العسكرى هو الآمر والناهى بمنطق «ما أريكم إلّا ما أرى وما أهديكم إلّا سبيل الرشاد».

ليس فرض المجلس العسكرى كوصى - غير شرعى - على الشعب والدستور وحدها هى الكارثة، ولم تأتِ غالبًا من حبّ العسكر للسلطة، فهى ليست الهدف من وراء الوثيقة فى حد ذاتها فى رأيى، إنما يتحدد الهدف ببساطه ويُسر عندما نقرأ المادة التاسعة من الوثيقة ونجد فيها: ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقم واحد فى موازنة الدولة. والمعنى بسيط وسهل للغاية: أنا وأنت ندفع من قوتنا وقوت أولادنا أموالاً ليس من حقِّنا أن نعرف أين ذهبت ولا لمن، ولا فى أىّ شىء تم إنفاقها!!

أضف إلى ذلك أن المعايير الخاصة بتشكيل جمعيّة تأسسية للدستور، والتى يجب أن تتكون من مائة شخص حددت الوثيقة ثمانين عضوًا فيها ليسوا من أعضاء مجلسى الشعب والشورى، يعنى ببساطة - أيضًا - الدستور القادم لن يكتبه ممثلون منتخبين عنّا، إنما سيكتبه - رغم أنوفنا - من يقرر العسكر أن يكتبوه.

علاء عبدالفتاح.. آخر الرجال المحترمين، «المجد للشهداء... النصر للشعب».