خالد الشريف

عيد الأضحى.. بلا طغاة

الأحد، 06 نوفمبر 2011 05:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم يحلّ علينا عيد الأضحى.. عيد التضحية والبذل والعطاء.. يأتى هذا العام وكأن الشعوب العربية استلهمت منه التضحية بالدماء من أجل أن تنال حريتها وكرامتها.. يأتى الأضحى وشباب العرب فى تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن يقدِّمون أرواحهم من أجل رفعة أوطانهم وإعلاء كرامتهم، يمتثلون لقول ربهم ويحذون طريق إبراهيم عليه السلام الذى ضحى بفلذة كبده ومهجة نفسه «قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك».
جاء الأضحى اليوم ليشاهد الشعوب المستضعفة تخرج عن صمتها وتتحوَّل إلى أسودٍ جائعة تطارد حكامها وتفتك بهم غير مبالية بموت ولا إرهاب، بعد أن أسلمت أمرها لربها وخالقها كما فعل إسماعيل عليه السلام: «قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين».
أهل الله علينا عيد الأضحى هذا العام وشعوبنا العربيَّة ترسم مستقبلها بيدها بعد أن ظلَّت مكبَّلة مقيدة قرونًا تعيش خانعةً ذليلة ترضى الدنيَّة من أجل أن تأكل وتشرب فقط، اليوم هى مستعدة أن تجوع سنوات وسنوات لكنها لن تفرطَ فى حريَّتها وكرامتها بعد اليوم لأنها واثقة من نصر الله لها.
التضحية مسيرة طويلة من تاريخ البشريَّة فلا توجد نهضة بدون تضحية ولا يتحقق نصر بدون بذل وعطاء، ولا ازدهار ورفاهية بغير عمل وجدٍّ واجتهاد، فلا مكان للكسالى والانتهازيين فى دولة الحرية والعدل، لقد ضحى النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته من أجل أن يبلغوا رسالة رب العالمين إلينا، تركوا الوطن والأهل وهاجروا وقاتلوا وقتلوا بعد أن خالط الإيمان شغاف قلوبهم، فرأينا أبا بكر يضحى بكل ماله لله، وهذا عمر يضحى بنصف ماله.. وهاهو عثمان يجهز جيشًا كاملا لنصرة الإسلام.. وهذا مصعب بن عمير أنعم فتيان قريش يترك النعيم والترف ويمضى مع رسول الله فيقتل يوم أُحد فما وجدوا له كفنًا إلا ثوبه كلما غطوا رأسه بدت رجلاه وكلما غطوا رجليه بدت رأسه، حتى أمرهم النبى، صلى الله عليه وسلم، بتغطية رأسه بثوبه ويغطوا رجليه بأوراق الشجر.. تضحية ما بعدها تضحية من أجل إعلاء كلمة هذا الدين، وتمضى مسيرة التضحية فى العصر الحديث فترى نماذج مضيئة لرجالات الصحوة من حسن البنا إلى سيد قطب وغيرهما من شهداء الحركة الإسلاميَّة، والذين ضحوا بأرواحهم من أجل نشر الدعوة الإسلاميَّة فى مصر والعالم العربى والإسلامى، رغم استبداد الحكام الطغاة الذين أقاموا المحاكمات الجائرة ونصبوا أعواد المشانق للدعاة والمفكرين.. ومضى جيل الصحوة الإسلاميَّة يحمل راية التضحية من أجل رفعة الوطن والدين.. سُجن وعُذِّب وحوصر فصبر واحتسب، رغم وعورة الطريق ومشقَّة العيش، وكان من الممكن أن يتبوأ أرفع المناصب لكنه آثر رضوان ربه على رضا الحاكم.. وجاء جيل آخر يحمل مشعل التضحية، جيلٌ ولد من رحم الغيب بعد أن ظن الطغاة أن الشعب المصرى مات ورضى بالذل والخنوع ولا خوف منه.. فإذا بالمارد يستيقظ يوم الخامس والعشرين من يناير ليضحى بدمائه لينال حريته وكرامته.. وهاهو يبهر العالم بتضحيته وقوة إرادته وثباته.. إنها روح التضحية التى تصنع المعجزات وتصنع النصر من رحم الابتلاء.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام أنتم بخير.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة