طرحت بالأمس سؤالى عما إذا كان حصول قوى الإسلام السياسية على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان فى الانتخابات الجارية، سيعنى أن ذلك يعد تعبيرًا عن أن منح الناخبين ثقتهم لهذه القوى يأتى على أرضية دينية، وأن مزاج التصويت للمصريين يتم وفقًا لأبعاد دينية قبل السياسية، وأستكمل.
قلت إن التفسير المريح لدى البعض حول فوز جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات يتمثل فى اتهامهم بأنهم يرفعون شعار «الإسلام هو الحل»، وأنهم يوهمون العامة من الناخبين بأن التصويت لهم وكأنه جواز لدخول الجنة، وفى الحقيقة أن هذه القراءة تغفل الكثير مما هو موجود على الأرض، بمعنى أن الناخب يختار مرشحه طبقًا للنموذج الذى يقدمه هذا المرشح فى دائرته، ولو نحينا جانبًا مسألة إدارة الانتخابات والتى تشمل التحالفات والمناورات والتربيطات التى قد تؤهل مرشحًا لا يستحق إلى النجاح، نقول إن نموذج المرشح الذى يتعلق به الناخب تركز فى الفترة الماضية فى ارتباطه الدائم بالدائرة ومصالحها، وتلبيته لمصالح الناس، وحضوره الاجتماعى الطاغى فيها، ومواقفه السياسية العامة ونزاهته فيها، أضف إلى ذلك المقومات الشخصية الأخرى، كحسن السمعة، وعدم الاستغلال، وتحقيق المصالح الشخصية.
ولو قمنا بتطبيق المعايير السابقة على نجوم للحياة البرلمانية فى السنوات الماضية من خارج التيار الإسلامى فسنجد أسماء مثل أبوالعز الحريرى وحمدين صباحى ومحمد عبدالعليم داود، وجمال زهران، وسعد عبود، وأيمن نور، وعلاء عبدالمنعم، ومصطفى بكرى، فهؤلاء اختارهم الناخبون طبقًا لمعايير سياسية أولاً وأخيرًا، ومع تقديمهم لنموذج راقٍ فى الأداء البرلمانى جدد الناخبون الثقة فيهم، ونستخلص من ذلك أن العطاء العام، والتواجد تحت جلد الجماهير، والعطاء البرلمانى بعد فوز المرشح، هو المعيار الأول والأهم عند الناخب فى اختيار مرشحه.
وحتى نقرأ الصورة كاملة من خلال الأسماء السابقة نقول إنها لم تنزل على دوائرها فجأة، وإنما كانت متواجدة فى المشهد السياسى العام بقوة معارضة للنظام السياسى، وتدفع ثمن هذه المعارضة، والمؤكد أن كل هذا أعطاها جواز المرور لقلوب الجماهير فى الدوائر التى ترشحوا فيها. وفيما يتعلق بمرشحى جماعة الإخوان فنحن أمام جماعة قدمت صيغًا فى العمل الاجتماعى أدت الى قدرتها على إنجاح غالبية مرشحيها كما حدث فى انتخابات عام 2005، لكن هل يمكن القول إنهم نجحوا لأسباب دينية؟