محمد فودة

محمد فودة يكتب.. أين راحت أفراح العيد؟

الإثنين، 07 نوفمبر 2011 05:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تغيرت ملامح العيد عندنا فى مصر، لم تكن هكذا أبداً.. حتى وقت قريب كان العيد هو مخزون من الفرح الطفولى. واستعادة لذكريات بريئة جميلة، اليوم تحول إلى مجرد أيام تمر ولا تشغلنا فيها سوى متاعب الحياة اليومية والقلق الذى أصبح هو العامل المشترك الأعظم لكل مفرداتنا.. أما الاكتئاب فهو الوجبة اليومية الدسمة التى ما أن نبدأ فيها حتى ننتهى إلى لا شىء سوى المزيد من الحزن واستراجع الأحداث والآلام.. كل ما يشغلنى هو أمن مصر وسلامتها واستقرارها، القضية التى تظل هى الهاجس الكبير نحو عدم تحقيق أى جديد.. نحن فى أدق مرحلة تاريخية، مصر اليوم بلا أى ضمانة نحو مستقبل ناهض. مصر بلا رئيس وبلا مجلس شعب وبلا مجلس شورى وبلا مسؤول شامخ يتضامن مع الشعب ويرسى مع قيم ومبادئ مجتمع يجمع الناس ويضمن سلامتهم.. اليوم تمر أحلام العيد ونحن صغار أتذكر هذه اللحظات وأكاد أن أبكى.. أين هذه الأحلام الطفولية البريئة التى كانت تتسع لكى تحتوى العالم كله.. ولكى تكون كل الحاضر وكل الغد.. كأن الأمس يتفتت أمام عيونى وينتشر مثل حبات اللؤلؤ بين يدى ويدعونى أن أفرح.. كأن أصدقاء قريتى القديمة، يأتون أمامى وهم لا يزالون صغارا بكامل براءتهم، يأتون لكى يقولوا لى: أعد لنا ذكرى الأيام الأولى، الأيام الخضراء، وأريد بالفعل أن أفرح وأن أنزع التراب عن زجاج الأيام الطاهرة الدافئة، ولكنى أبدا لا أستطيع، شىء بداخلى يجعلنى فى انسحاب نحو المجهول.. لأن القادم يخيفنى ويرجفنى ويرجنى رجا حتى أكاد أن أذوب فى نفسى.. يا أيام العيد الجميلة وفرحة اللقاء بالأصدقاء والأهل.. لماذا تغيبين وتبعدين عنى وتضعين أمامى العراقيل والشوائب والأسلاك الشائكة.. ليس أمامى سوى بضع لحظات لكى أتقمص دور العائش فى الوهم الكبير، كل شىء فى الحقيقة تحول إلى النقيض وارتمى إلى ماض سحيق كل ما فيه مظلم ومترب ومتعب وقابض، أحاول أن أهرب ولكن أقدامى تغوص فى السحب المجهولة وكأنى أسير فوق رمل ملتهب رمل يغوص بى وينسحب معى وكأننى نقطة زئبق تبحث عن نفسها ويطاردها الآخرون دون جدوى، وأطارد أنا نفسى بلا وصول وبلا رجاء. تزيد الأحزان أمامى وخلفى وتربض ولكن الأحلام لا تزال تحاول أن تشدنى ولا أزال أحاول أن أجسدها كأنها بخار يريد أن يتكور ماء وينزل من سحب لا تمطر أبدا أو هى تدعونى إلى أن أترقب دائما حتى يصبح كل عمل فى الحياة هو الترقب، ماذا جرى لنا؟! ماذا جرى لكل ما حولنا، الأشياء تتغير أمامى، وكل معالم الطرق نحو الغيب نحو اللاواقع، نحن فى مفترق الطرق وما كنت أترقب أبدا أن نظل هكذا كل هذه الشهور.. إننا فى انتظار ما لا يجىء.. وكلما أتى الصبح أتخيل أن الفجر القادم هو الوليد الحقيقى لنور ساطع يأتى معه عمر جديد وروح جديدة ورؤية جديدة.. وإذ بنا نلف وندور فى نفس الطريق الغامض الكئيب أين العيد؟ أين فرحة الأطفال؟!. أين مصر الجميلة التى ما غابت يوما عن عينى وعن قلبى.. أريد أن نبدأ من جديد ليعود النور الحقيقى إلى الوطن.. هذا هو الأمل الذى يمكن أن يتحقق ليعود الفرح إلى أبناء الوطن، ليعود العيد نابضا فى كل شرايننا. ضاربا فى جذور التفاؤل والفرح والمصرية البيضاء التى غابت عنا سنين ما كنا أبدا نتخيل هذا الوضع الغريب الذى انتابنا.. نحن فى ظلام محتد حالك.. ولا شىء سوى أن نستيقظ شعبا واحدا وروحا واحدة ونصحو على العمل الحقيقى الذى يعيد الوطن إلى سابق عهده ومعه نبدأ يوما جديدا ويقظة نحو مصر أخرى تضم كل أبنائها وترمى كل السابق وكل الماضى ونفتح نوافذ العيد الحلوة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة