الشريعة الإسلامية يسّرت على الحجيج، لكن بعض الحجيج يضيق على نفسه وعلى الحجاج الآخرين، والرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يردد فى فريضة الحج بالذات «افعل ولا حرج» كقاعدة عامة للتيسير على الحجيج، ولكننا نحب أن نضع أنفسنا فى الحرج والضيق والشدة التى رفعها الله عنا برحمته وفضله.
فقد وقف رسول الله فى حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فقال له رجل: «لم أشعر، حلقت قبل أن أذبح»، فقال: «اذبح ولا حرج»
وجاءه آخر فقال: «لم أشعر، نحرت قبل أن أرمى»، فقال: «ارم ولا حرج».
فما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن شىء قدم ولا أخر يومها إلا قال « افعل ولا حرج»، وهذا شعار عظيم تنجلى فيه معانى الرحمة والرفق بالناس فى عباداتهم وشعائرهم. فالحج من أشق العبادات وأصعبها، ولذلك فالتيسير فيه من أعظم مقاصد الشريعة، ولكننا نأبى إلا أن نضيق على أنفسنا وعلى الآخرين، وأن نختار أشق الآراء الفقهية، وأصعب الاختيارات العملية فى الحج.
لقد رفض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الإجابة ثلاثة مرات عن سؤال الصحابى الذى قال للرسول (صلى الله عليه وسلم): «أفى كل عام يا رسول الله».
ثم أجاب عليه بعد إلحاح: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم»، هذا التشديد والتعسير على الأمة كلها إلى يوم القيامة. ثم جاءت الشريعة لتخيّر الحاج بين ثلاثة نسك يختار أحدها وهى: الإفراد والتمتع والقران، وجعل الثلاثة على سبيل التخيير وليس الإلزام .
ولكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حث كثيراً على أسهلها وأيسرها على الحاج، وهى التمتع، وفيها يحرم الحاج بالعمرة، ثم يتحلل من إحرامه حتى يأتى موعد الحج فيحرم بالحج وهذا ما يفعله معظم الحجاج المصريين والدول الإسلامية.
ومن مظاهر التيسير فى الحج أن وقت الفريضة متسع، يشمل العمر كله منذ البلوغ وحتى آخر العمر، فهو واجب على التراخى على الأرجح من أقوال الفقهاء، وذلك بخلاف الصلاة والزكاة وغيرها من الواجبات المماثل، كما أن الشريعة خيّرت الحاج بين ثلاثة أشكال للفدية ذكرها القرآن فى قوله تعالى «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ»، فقد خيّره القرآن بين أن يصوم أو يتصدق أو يذبح، فمن كان فقيرًا فالصوم أنسب له، ومن كان غنيًّا كانت الصدقة أو الذبح أيسر له، وهكذا راعت الشريعة كل مستويات الحجيج.
وقد لاحظت، كما لاحظ جميع الحجاج، تخفيف الصلاة فى الحرمين الشريفين، حتى تتناسب مع جميع ظروف وأحوال هذه الملايين المزدحمة، وتتناسب مع المرأة والشاب والشيخ المسن والمريض. وهذا درس عظيم لكل المساجد فى بلاد المسلمين التى تطول تطويلًا شديدًا فى الصلوات المفروضة. لقد أعجبنى هؤلاء الأئمة لأنهم يطبقون حقاً القاعدة الشرعية «المشقة تجلب التيسير».
ومن مظاهر التيسير فى الحج أن يشير الحاج إلى الحجر الأسود إذا لم يستطيع استلامه، وهذا حمى الحجيج من مقتلة عظيمة نتيجة التزاحم حول لمس، أو استلام الحجر الأسود. وبعض الحجاج يتزاحمون وقد يضرب ويصطدم بعضهم ببعضا، وقد تحدث مشاجرات بالأيدى وشتائم بين الحجاج من أجل الاقتراب من الكعبة، واستلام الحجر الأسود، رافضين تيسير الشريعة عليهم، مهدرين قيم الإخوة والصفاء والنقاء بينهم فى أطهر مكان على وجه الأرض . ومن تيسير الشريعة على الحجيج أن تصلى ركعتين فى أى اتجاه قبالة مقام إبراهيم، وليس بالضرورة خلفه مباشرة، ولكن بعض الحجيج يصر على أن يصلى مع مجموعة كبيرة من بلدته خلف المقام مباشرة، وفى طريق طواف الحجيج لتدوسه أقدام الطائفين، وقد تجد عدة نساء يصلين فى منطقة الطواف يحميهن عشرات الرجال فى حالة تحفز، كأنهم فى حالة حرب مما يؤدى إلى مشاكل كثيرة من تطاول بالألفاظ وتعدى بالأيدى والأقدام. وكنت دومًا أقول فى نفسى كلما رأيت مثل هذا المنظر: أفلا يفطن هؤلاء إلى تيسير الشريعة ويصلون فى أى مكان فى الحرم ما دام فى اتجاه مقام إبراهيم؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عبد الحليم
مــقال ::ناجــــــــــــــح والتــيــســيـــر في مـقــام إبــــراهــيم
عدد الردود 0
بواسطة:
حكيم محمد
سؤال من فضلكم
عدد الردود 0
بواسطة:
العنود من السعودية
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر سعد اسيوط
انت
عدد الردود 0
بواسطة:
MMMMM
غيور
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
ربنا يبارك لك
نشكرك على المقالة الرائعه
عدد الردود 0
بواسطة:
ثروت ابراهيم السعيد
بارك الله فيك