لا أفهم ما الذى يفعله السادة المحافظون فى الدواوين، والسادة الوزراء فى مجالسهم، والسادة الحكام فى أبراجهم العاجية، حينما أنظر أينما أنظر.. فلا أجد أمام العين إلا الزبالة تترامى أكواما وراء أكوام؟ لا أفهم كذلك، كيف ينامون المحافظون مطمئنين هادئين، ويذهبون إلى متنزهاتهم فى الأعياد، وهم على علم تام بما يتكدس فى محافظاتهم من أطنان القمامة؟ ترى الواحد منهم منتفخا متباهيا بكونه «سيادة المحافظ»، ولا تعلم على أى شىء هو «محافظ» غير الزبالة المترامية أينما وليت وجهك.
ليت السادة الكبار الذين يصدعوننا بعجلة الإفساد، المسماة زورا باسم عجلة الإنتاج، يشغلون بالهم ولو قليلا بما يشاركنا أعيادنا، ويطمس فرحتنا، ويكدر عيشتنا من موبقات ملقاة على قارعة الطريق، وليت أيضا من ضجوا مضاجعنا، وسجنوا إخواننا، وتآمروا على شبابنا بدعاوى الحفاظ على «هيبة الدولة»، أن يلتفتوا إلى «خيبة الدولة» التى فشلت فى أن تجد حلا لمشكلة الزبالة على مدى أشهر، وسنوات طويلة، لكن على ما يبدو أن «خيبة الدولة ارتضت بأن تكون الزبالة هى المواطن رقم 1 فى مصر، وأن تتمتع بحصانة لا تقوى عليها كلمات العتاب، ولا رصاصات الهجوم».
إنى لأفتح عينى حين أفتحها فلا أرى إلا زبالتنا ردت إلينا، أصبحت علامات فى الطرق والشوارع، وأصبح من المتداول إذا وصف لك أحد مكانا، أن يقول لك إنه «بعد سابع كوم زبالة، وانت جاى يمين» أحاول أن أنظر إلى نصف الكوب الملآن، فأكتشف أن الزبالة تقوم بما لا يتخيله أحد، فهى الآن تحد من سرعة السيارات الطائشة لأنها تخنق الشوارع، وتتكدس على جوانبها، وهى أيضا تفصل بين الحارة اليمين والحارة الشمال، لتقوم بدور الأرصفة المتكسرة، وهى أيضا تصنع مطبات طبيعية أمام المدارس والمستشفيات، فتمنع حوادث السير، كما تنبهنا إلى إصابتنا ببوادر البرد، وعلى من يمشى فى شوارعنا ولا يشم رائحة الزبالة المنتشرة، فعليه أن يسارع بالذهاب إلى الطبيب لمعالجة أعراض البرد والأنفلونزا سريعا قبل أن تتفاقم.
أكاد لا أصدق عينى من هذا الانتشار السرطانى للزبالة فى أحيائنا ومحافظاتنا، وذات مرة كنت أسير فى شارع «المستحضرات الطبية» بالمطرية، بجوار أشهر شركات الأدوية فى مصر، فوجدت جبلا من القمامة مرتفعا، قد لا تبلغ عينك قمته المتسعة، قلت لنفسى: ما أشقانا وأتعسنا، فلو كان لدينا عقل يذكر، لدخلنا موسوعة جينيس للأرقام القياسية بجبل الزبالة هذا، باعتباره أكبر جبل زبالة فى واحدة من أشهر عواصم العالم، بدلا من أن نستنزف مواردنا ونكلف ميزانيتنا 20 مليون جنيه، لنصنع أطول سارى على فى العالم، ونرفعه فى عيد ميلاد سيادة المشير، فإن كان على الأرقام القياسية، فمصر كلها قياسية، بس النفس إللى تقيس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed bkrawy
الشعب واجبار النظام