د. رضا عبد السلام

مليارات الحملات الانتخابية.. مِن حساب ولحساب مَن؟

الأربعاء، 09 نوفمبر 2011 10:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بلد يغرق جل شعبه فى فقر مدقع، ويكافح فيه الملايين للحصول بالكاد على حاجاتهم الأساسية، يتبارى الآلاف ممن وجدوا فى أنفسهم أنهم الأجدر للتعبير عن إرادة هذا الشعب عبر تمثيله فى البرلمان القادم. قدر البعض التكلفة المحتملة لتلك الحملات بما يزيد على 8 مليار جنيه!!! أبرز الحضور فى هذا المولد لافتات التيارات الدينية وعلى رأسها الإخوان والسلفيون، إضافة إلى لافتات فلول الحزب البائد الذين يبحثون لهم عن موطئ قدم فى مصر الجديدة، فضلاً عن عدد من الحالمين؛ سواء من الأثرياء الذين يبحثون عن تواجد سياسى، أو شباب لا زال يعيش حلم 25 يناير..!!!

من حقنا أن نتوقف كثيراً عند مليارات الحملات الانتخابية، ونتساءل: أليس من حق شعب مصر أن يتعرف على الممول الفعلى لتلك الحملات؟ وما إذا كانت تمول من مصادر محلية أم خارجية؟ ثم، لمصلحة مَن تدار تلك الحملات؟ هل لمصر ولشعب مصر مكان فى أذهان من ينفقون ببذخ على تلك الحملات غير المسبوقة؟ وماذا لو قرر هؤلاء الأفذاذ توجيه ملياراتهم تلك لبناء مشروعات حقيقية تخدم هذا الشعب البائس؟ أعتقد أن أكثر من 8 مليار جنيه يمكن أن تقضى قضاءً مبرماً على مشكلة البطالة بين الملايين من شباب مصر الذى يلقى بنفسه إلى خارج مصر هرباً من جحيم الفقر والظلم...إلخ.

هل يدرك هؤلاء المتبارون واللاهثون لدخول البرلمان أن وسية سيد قراره صارت فى ذمة التاريخ، وأنه لن يتمكن عضو البرلمان القادم التهليب والاستيلاء على ثروات الدولة، وبالتالى لن يتمكن من استعادة الملايين والمليارات التى أنفقها. أى أن البيعة ستقف عليه بالخسارة لو كان يحسب لها بحسابات مادية. أما إذا كان ينفق بسخاء لدخول البرلمان لمآرب أخرى فمن حقنا أن نتساءل عن حقيقة تلك المآرب. فلا أعتقد أن هناك مصرياً مخلصاً حريصا على هذا البلد سينفق كل ما لديه لدخول هذا البرلمان. فأعتقد اعتقاداً يصل إلى حد الجزم بأنه فى هذا المولد وتلك الملهاة المسماة بالانتخابات.. المحترمون يمتنعون، باستثناء النذر اليسير!!

فهل الهدف إذاً من هذا الإنفاق السخى، وإغراق شوارعنا باللافتات العصرية والمكلفة، السعى لفرض أيديولوجية فكرية معينة؟ خاصة وأن القاصى والدانى يدرك أن الرحلة طويلة أمام شعب مصر المطحون، لكى يصل إلى المستوى المطلوب من الوعى السياسى. ومن ثم فإن الجميع يلعب على وتر الجهل العام والجهل السياسى والجهل الدينى بوجه خاص، لاقتناص الفوز بهذه المعركة، التى يعتبرها البعض منهم بأنها معركة بقاء أو إثبات ذات..!!

سؤال آخر يطرح نفسه، ونحن فى مهد تلك الحملة التى يؤكد الكثيرون على شراستها وخطورتها: ما الفارق بين ما نمارسه نحن الآن خلال تلك الحملات وبين ما كان يمارسه الحزب الوطنى المنحل؟ وإذا كان هناك اختلاف واحد أرجو أن يدلنى أحد عليه، فالآليات هى ذات الآليات والعقلية هى ذات العقلية، والشعب هو ذات الشعب، واللعب تحت الطاولة والتربيطات هى هى نفسها.. إذن ما الذى تغير؟ وبالتالى هل لا زلت تعتقد عزيزى القارئ بأن البرلمان القادم سيحقق حلم مصر الجديدة؟!

فى اعتقادى المتواضع، أن مصر، وكما غابت عن أذهان أزلام النظام البائد خلال العقود الثلاث الماضية، فهى أيضاً غائبة عن أذهان اللاعبين الجدد واللاعبين القدامى من أزلام النظام البائد الذين يبحثون لهم عن موطئ قدم فى مصر الجديدة.. ومن حسن حظهم جميعاً أن التربة مهيأة تماماً لهم لأن يفعلوا ما يشاءون..!!

ولهذا، إذا سألت أى مواطن الآن عن مشاعره الآن مقارنة بمشاعره فور إسقاط مبارك ونظامه، ستجد أن رد الأغلبية واضح وهو أن الحلم الذى عشناه نراه يتبدد يوماً بعد يوم، ويوشك أن يتحول إلى كابوس مرعب على يد اللاعبين الجدد (والقدامى) فى حياتنا السياسية. نعم.. كنا نتمنى أن تواصل ثورتنا رحلتها المشرفة التى بدأتها والتى أذهلت بها العالم!!! ولهذا أيضاً، وفى ظل هذا الجو الغائم، لا أتوقع أن يكون تفاعل الشعب مع الانتخابات بذات المستوى الذى شهدناه خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية.. فقد بدأ الملل يدخل إلى قلوب الناس، وبدأ الكثيرون يؤمنون بالمثل الشعبى شالوا ألدو حطو شاهين...كله محصل بعضه!!!

ولهذا، وكما كانت كلمة المال هى الفاصلة خلال الزمن البائد، واضح تماماً أنها ستكون هى الفاصلة أيضاً فى مصر ما بعد الثورة، ولا عزاء للعلم والعلماء والمفكرين والمصلحين والثوريين.. إلخ. فالأقوى مالياً والأكفاء تنظيمياً سيفوزون بهذه المعركة تماماً، مثلما كان الحال على يد حزب النظام المنحل. ومن ثم، واضح تماماً أن تورتة الانتخابات هذه المرة ستكون من نصيب كل من جماعة الإخوان وفلول النظام البائد، وقلة قليلة من الرموز الديكورية من هذا التيار أو ذاك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة