بكل تأكيد سيجر عنوان المقال على كاتبه كثيرا من السخط ممن يعتبرهم معه فى نفس الخندق، وعلى العكس سيفتح شهية من أريد إقناعهم بالاقتراب أكثر من مواقف ميادين التحرير، فالمراقب الموضوعى المحايد، سيجد أن شعار الاستقرار والدعوة إليه هو المنطق الذى يحاول مؤيدو النظام السابق، وشبكة المصالح المرتبطة به، التسوق له وسط الأغلبية الصامتة، زاعمين أن هذا سيحركهم، وسيجعلهم يقلقون على مصالحهم المباشرة الحياتية، رغم أن التأمل الدقيق لكل تفاصيل المشهد يؤدى بنا للعكس تماما.
باسم الاستقرار _وكل ذى عقل ينشده ويسعى إليه_ يتم الترويج لإغلاق الجروح دون تطهير، فتبقى الداخلية على عهدها القديم، ويبقى أصحاب الرواتب المليونية الشهرية من كبار الموظفين ومستشاريهم كما هى، ويبقى الموظف الصغير والمواطن البسيط فى مواجهة نيران الأسعار، وفى مواجهة مقولة "نجيب منين؟!!".
باسم الاستقرار، يتم على أرض الواقع "هروب كبير للأمام" ينجم عنه احتجاج ورفض لجماهير غاضبة، يتم الاستجابة إلى بعض مطالبها بعد مواجهات دامية، أو مرور زمن ثمين كان يمكن استثماره جيدا منذ البداية. باسم الاستقرار، يتم الحفاظ على نسبة العمال والفلاحين فى مجلس الشعب، والجميع يعلم أن نسبة كبيرة ممن يتقدمون للترشح تحت هذه الصفة لا علاقة لهم بالمهمشين، أو بأصحاب الدخول المحدودة فقط، مستغلين أن هناك أربع ثغرات قانونية –بقت كما هى- لتسللهم لتلك الصفة.
وباسم الاستقرار، تم تبنى الإبقاء على مجلس الشورى بكل ما يستتبعه من تضييع للوقت والجهد والمال. باسم الاستقرار يتم التستر على قتلة ثوار التحرير، وبدعوى الاستقرار يتم استخدام الإعلام الحكومى واستنزافه فى معارك خاسرة، والاتكاء مجددا على الحلول الأمنية، وهذا يقضى على البقية الباقية من مصداقية تآكلت، وتكاد تكون اختفت فى عهد المخلوع، وكما تقضى على أى رغبة فى التعاون بين قطاعات عريضة من الشعب والإعلام الحكومى والمؤسسة الأمنية.
باسم الاستقرار الحقيقى، توافقوا اليوم وليس غدا مع ميادين التحرير، فلها الأغلبية الكاسحة؛ لأن كل متظاهر فى ميادين التحرير يقابله 10 ممن لا يستطيعون النزول لظروف صحية أو لوجيستية أو خاصة بظروف عمله أو مكان تواجده أو سنه، ويقابله 10 آخرون، يشعر كل واحد منهم بخوف طبيعى من مواجهة سلطة تملك السلاح والإعلام والمال، ويشعر أيضا بخوف طبيعى من التواجد فى مكان سقط فيه قبله على الأقل 100 شهيد.
وعلى أية حال يعلم القاصى والدانى أن هناك شيئا اسمه "الموافقة الضمنية"، وهى الموافقة بالصمت أو التصويت بالأرجل عند فتح صناديق الانتخابات، أى عدم الذهاب للصناديق كتعبير عن الرأى، الأغلبية تعبر منذ اللحظة الأولى عن رأيها المساند لميادين التحرير وطلباته المشروعة وغضبته المبررة، ولو كانت لها مصلحة أخرى أو رغبة مخالفة لاستجابت لثورة أبناء مبارك يوم 24 يونيوالماضى، أو لاستجابت لدعوتهم مجددا بالنزول يوم 25 نوفمبر، رغم الترويج الإعلامى والتمويل السخى للأتوبيسات ومن فى داخلها. وفى النهاية جاءت الدعوة كدليل آخر على فشل نظرية الهروب للأمام بدعوى الاستقرار، فمن حضروا يعادلون فقط مجموعة خرجت من ميدان التحرير لتناول وجبة كشرى.
التباطؤ بدعوى الاستقرار يضر بالاقتصاد، وسيأتى لكم بالمتطرفين وبألتراس سياسى متعصب أهوج يميل للثأر، وقراراته وليدة اللحظة، وسيأتى بحلول تصادمية، ويجعل الحلول التوافقية أبعد من بعيد.
باسم الاستقرار الحقيقى، دعونا نزيل الركام فلا يمكن البناء فوقه، دعونا نتوافق الآن على توفير بيئة مناسبة للمرحلتين القادمتين للانتخابات حتى تفرز ممثلين حقيقيين عن هذا المجتمع العظيم الطيب المناضل الوسطى.
• كلية الآداب جامعة الإسكندرية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن
اللعب الكلمات
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مقال رائع من كاتب اروع
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر امين
لمس القلوب والعقول
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب محمود
مقال يستحق الدراسة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عثمان
مع د. أحمد فؤاد
عدد الردود 0
بواسطة:
وفاء
من جامعة اسكندرية نطالب