خالد صلاح

خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": دور العقل فى الشريعة الإسلامية

السبت، 10 ديسمبر 2011 07:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) يرسل صحابته الكرام إلى البلدان والأمصار إلا برسالة «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقتها لم يكن صحيح البخارى قد ظهر بعد، ولم تكن مجلدات «مسلم» و«الترمذى» و«ابن ماجه» قد عرفت طريقها إلى ماكينات الطباعة وأرفف المكتبات، ولم يكن أئمة المذاهب الأربعة قد بدأوا رحلتهم مع فهم هذا الدين وتفسير أحكامه، كان أبوحنيفة والشافعى ومالك وابن حنبل غيبا فى غيب، لا يعرف به صحابة النبى الذين انطلقوا فى المشرق والمغرب، يعلمون الناس هذا الدين، ويحملون رسالة السماء إلى العالمين.

وبعد مئات الأعوام من هذا السلف الصالح والرعيل الأول للصحابة والتابعين جاء دور الأئمة والفقهاء الذين اجتهدوا ما استطاعوا ليجمعوا آثار هذه الحقبة الممتدة منذ بعثة النبى وحتى مائتى عام أخرى أو أكثر بعد الهجرة، جاء الفقهاء والمجتهدون ليعيدوا رواية النصوص، ويستبعدوا ما لم يصح من أحاديث النبى بإعمال العقل فى المتن والسند، ثم قام هذا الجيل التالى من العلماء بإعمال العقل مرة أخرى فى مضامين هذه النصوص وأهدافها فاستنبطوا لأبناء عصرهم فقهًا وأحكامًا تحددت بالسياق الزمنى والجغرافى لكل حكم وكل فقه.

كان العقل سلاحًا فى ثبوت النص أو نفيه، وكان العقل سلاحًا فى استنباط الأحكام الشرعية والقواعد الفقهية، بل كان العقل هو الأساس فى علوم صارت جزءًا من هذا الدين مثل علم مصطلح الحديث، أو أصول الفقه، أو تفسير القرآن بالرجوع إلى النصوص التاريخية الموازية أو البحث فى أسباب النزول.

العقل هو عنوان هذا الدين، والعقل هو عنوان هذه الشريعة، وكما أنعم الله على الأجيال التى تلت جيل الصحابة بعقول أعادت تفسير هذا الدين وفق الوضع الجغرافى والتاريخى، فإن الله لن يترك هذه الأمة دون جيل يعمل بالعقل، جيل يؤمن بأن الصحابة لم يتعبدوا إلى الله بتفسير ابن حجر العسقلانى، أو بفتاوى ابن تيمية، أو بالفقه المالكى والحنبلى، الإسلام أوسع وأشمل وأصلح لكل العصور، لأنه ببساطة دين يسمح للعقل بأن يكون بطلاً فى التشريع.

والله أعلى وأعلم.












مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة