لن يرضى أحد عن نتائج الانتخابات مهما كانت، والسبب أنها المرة الأولى من عقود التى نتعرف فيها جميعا على انتخابات حقيقية، بينما نعانى من الآثار الجانبية لسنوات من التسلط والتزوير والفساد والتلاعب فى الإرادة.
وسط تجهم كثير من المرشحين والسياسيين، والانخراط فى جدل عقيم هنا أو هناك، فإن إجراء الانتخابات فى حد ذاته مقدمة لعلاج آثار سنوات التسلط والشك.
وخير مثال على استمرار الطريقة القديمة فى السياسة هو انتشار ظواهر كانت تسود فى الانتخابات السابقة، بالرغم من أن بعضها يثير الضحك والدهشة.. فمازال بعض المرشحين يرفعون لافتات تعلن أن «أهالى منطقة كذا يبايعون ويؤيدون فلان الفلانى، وأن علان العلانى رشح نفسه من أجلكم»، يقصد من أجل أهالى الدائرة الكرام. بينما المواطنون لا يعرفون المرشح الذى يبايعونه، ولم يسمعوا عنه، أو يعرفوا أنه من الفلول الذين أجروا عملية نيولوك لم تنجح عادة فى إخفاء «فلوليته».
كل المرشحين يقولون إنهم رشحوا أنفسهم من أجل الناس، ولا يوجد مرشح يمتلك الشجاعة ليقول إنه رشح نفسه من أجل نفسه ومصالحه، و«من أجلكم» تذكر الناس فورا بشعار الحزب الوطنى المقبور «من أجلك أنت» الذى كان يتخذه ذريعة للتزوير والنهب والفساد، من أجل نفسه، وليس من أجل أى حد آخر، وما تزال آثار الحزب الوطنى ماثلة أمامنا، لأن السياسة تعمل بآليات قديمة، وتحتاج وقتا حتى تبدأ عصرها الجديد.
ومن الآثار الجانبية لنظام «من أجلك أنت» أن نرى بعض المرشحين الجدد أعلنوا أنهم ضد الديمقراطية بمعنى حكم الشعب، وبعضهم قال إنهم يفضلون البيعة على الديمقراطية، ولا يقولون كيف يمكن لأربعين مليون أن يبايعوا شخصا، بطريقة غير الانتخابات، وهم معذورون لأنهم لم يجربوا من قبل أن تكون الانتخابات هى البيعة الحديثة، لكن ليس على طريقة الحزب الوطنى.
قد يندهش البعض من شخص يرفض الاحتكام إلى الناس ثم يلجأ، ويندهش أكثر إذا وجد من يصوت له.
الحقيقة أن الخوف من الديمقراطية ليس مرضا لتيار واحد، بل إن الجميع هنا سواء، بعد سنوات من التسلط أفسدت أمزجة الناس، وزرعت الشك، وجعلت كل فريق يخاف من الآخر ويشك فيه، وكل المواطنين هنا سواء السلفى أو الليبرالى أو اليسارى أو اليمينى مع أنهم يأكلون نفس الطعام ويعانون نفس الأمراض، وجميعهم تعلموا فى نفس المدارس الفاشلة، وكل منهم يحمل تجاه الآخر قدرا من الشك، ونظن أن الديمقراطية بالفعل هى الكفيلة بعلاج آثار التسلط الطويل، لم يخترعوا ديمقراطية مراهم أو كبسولات، وإنما علاج طبيعى، بالانتخابات ثلاث مرات وأكثر، ساعتها سيختفى الشك ونعرف أنها ليست ضارة بالصحة والبيئة.
سوف يختفى المرشح الذى يبايع نفسه «من أجلك أنت»، لأن الديمقراطية أفضل علاج للديكتاتورية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو عبد الفتاح
انت شايف ان صوتك بيعبر عن 70% انتخبوا الاسلاميين