فى واحدة من القراءات المتعددة للمشهد السياسى بعد ثورة 25 يناير هناك من يقرأ أن العلاقة بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين لن تبقى سمنا على عسل، وتستند هذه القراءة إلى أن الإخوان «تاريخيا» هم أبطال المراحل الانتقالية، ففى اللحظة التى يظنون فيها أنهم يقتربون من حسم الأمر لصالحهم تختلط الأوراق لتنقلب الأوضاع، فتعود الجماعة إلى حافة المشهد بعد أن كانت فى قلبه تماما.
وتستدعى هذه القراءة ذكريات الصراع بين جمال عبدالناصر والإخوان بعد قيام ثورة يوليو 1952، والذى بدأ بمحاولات التعاون، وانتهى بفصل دامٍ بينهما، وحين بدأ السادات فى التحول إلى مسار سياسى يختلف عن عبدالناصر اقترب من الإخوان ثم انتهى الوضع إلى تباعد بينهما.
وتأخذ هذه القراءة طريقها الآن مع تصريحات اللواء مختار الملا، عضو المجلس العسكرى الحاكم، بأن البرلمان المقبل لن يمثل طوائف الشعب، وأنه يجب الاتفاق على ضوابط الجمعية التأسيسية قبل أن يختارها البرلمان، وأضاف الملا أن الجمعية التأسيسية لابد أن تحظى بموافقة الحكومة والمجلس الاستشارى الذى تم تكوينه يوم الخميس الماضى، وعلى أثر هذه التصريحات قرر حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان الانسحاب من المجلس الاستشارى، اعتراضا على هذا المنحى، وقال الدكتور عصام العريان، نائب رئيس الحزب، أن البرلمان هو الذى سينتخب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
فى كلام اللواء مختار الملا معانى واضحة، تحمل خوفا من سيطرة قوى الإسلام السياسى، وفى القلب منها حزب «الحرية والعدالة» على البرلمان الذى سيتم انتخابه حاليا، ويسعى المجلس العسكرى إلى وضع شرعية لهذا الخوف بالحديث عن خطر ترك وضع الدستور فى أيدى «الأغلبية»، ورغم ما يثيره هذا الكلام من مخاوف، فإن هناك تسرعا فى توقع أنه سيؤدى إلى صدام عنيف، لإعادة ترتيب المشهد السياسى يتم فيه تقليم أظافر الإخوان، كما حدث مع عبدالناصر والسادات، فالسياق التاريخى مختلف دوليا وإقليميا ومحليا، كما أن المجلس العسكرى الذى يحكم ويدير الصراع ليس فى قوة عبدالناصر أو السادات، كما أن اللجوء إلى الصندوق الانتخابى يضع قيودا كبيرة على أيدى من يرغب فى الانقلاب على ما يحمل من نتائج.
نحن أمام حالة خلافية بين المجلس العسكرى وحزب الحرية والعدالة ستقود فى أغلب الظن إلى الالتقاء فى منطقة وسط.