أعرف الداعية الإسلامى الكبير الشيخ محمد حسان، وأحمد له أنه يعطى قيمة المصلحة المنضبطة التى لا تتصادم مع جوهر الدين، وقبل ثورة 25 يناير كان خطابه واضحا وقاطعا فى اعتداله ناحية الأقباط، وبعد الثورة أدان كل أعمال العنف التى مورست ضدهم، ونزل إلى البؤر التى تفجرت فيها الفتن الطائفية جنبا إلى جنب، مع غيره من رموز الفكر والسياسة لوأد الفتنة، ووجه انتقادات لاذعة فى أكثر من موضع إلى أصحاب اللحى الذين ينفرون الناس من خطابهم الدينى الضيق والمتشدد.
وقبل أيام أعلن أنه لم يأذن لأى مرشح من التيار الإسلامى باستخدام اسمه وصورته فى انتخابات مجلس الشعب، واتهم مستخدمى صورته بالانحراف عن الإسلام واتباع المبدأ «الميكافيللى» الذى يقوم على مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، وجاء كلامه بعد استثمار حزب النور لاسمه فى الدعاية، حتى يعطى الحزب إيحاء بتأييد كل السلفيين له، ولا يخفى على أحد أن الشيخ محمد حسان واحد من الدعاة الذين لهم أتباع ومريدون، وبالتالى فإن استخدام اسمه يرتب زخما انتخابيا لقوائم الحزب، ويضمن له كتلة تصويتية هائلة.
وبالرغم من عدم انصياع «النور» لما قاله الشيخ، فإن اللافت فى هذا الخلاف هو أن «البيت السلفى» الذى لا ينكر محمد حسان انتسابه إليه ليس واحدا، وأقطابه ليسوا على قلب رجل واحد فى مفهوم الخطاب الدينى وفى قراءة المشهد السياسى الحالى، والدليل على ذلك، أن ما يذكره الشيخ محمد حسان فى قضايا كثيرة ومنها التعامل مع الأقباط والأزهر، يختلف عما يقدمه الشيخ أبوإسحاق الحوينى، ويختلف عما يقدمه ياسر البرهامى وعبد المنعم الشحات، أضف إلى ذلك أن مبدأ التصويب والاعتراف بالخطأ والاستفادة من الآراء المخالفة، لا تجدها عند هؤلاء وغيرهم، وتجدها عند محمد حسان، ويقودن ذلك إلى ضرورة فهم أن بين السلفيين من يمكن التحاور معهم لأجل التوصل إلى قواسم فكرية ووطنية مشتركة.
أعتقد أن ما دفع الشيخ محمد حسان إلى موقفه، سيل الآراء الكريهة التى استمع إليها المصريون من بعض دعاة السلفية المتشددين، حول الحلال والحرام الذى أدى إلى تشكك المسلمين فى كل ما يفعلوه رغم تدينهم، بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل السياحة والبنوك وغيرها من المعاملات الاقتصادية، والرأى الساقط لعبدالمنعم الشحات فى أدب نجيب محفوظ.