يسعى كثير من المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين للترويج لفكرة خاطئة، مفادها أن فوز حزبهم الحرية والعدالة بأغلبية برلمانية، كفيل بتكرار تجربة «العدالة والتنمية» التركى بزعامة أردوغان، وهم عادة يفعلون ذلك من خلال النفى على الطريقة الصينية، فهم يقولون عن التجربة المصرية إنها مختلفة عن التركية، فيما يطالبون مثلاً بأن يشكلوا الحكومة وفقاً للنموذج التركى الذى يختلف دستورياً عن مصر. وإذا كنت أصدقهم أن التجربة المصرية لا تشبه التركية، فلا أصدقهم فى أنهم لا يسعون إلى الربط بين التجربتين، للوصول إلى انقلاب سياسى من النظام الرئاسى إلى النظام البرلمانى، دون النص على ذلك فى الدستور الجديد، الواضح حتى الآن أن المجتمع المصرى أقرب إلى المجتمع الفلسطينى منه إلى المجتمع التركى الأوروبى الطابع والمتعدد، أو حتى إلى أى مجتمع عربى آخر مثل تونس والمغرب وليبيا، فالمجتمعان المصرى والفلسطينى فى غزة مغلقان إلى حد كبير، وتعرضا لقمع متشابه، وتدمير متشابه فى البنية التعليمية والثقافية والسياسية والصحية، مما أدى إلى بروز أمراض الفقر والجهل على السطح السياسى، وغلبت القضايا الجزئية والهامشية باعتبارها رؤوس الأجندات المستقبلية عكس المجتمع التركى الطامح للاندراج فى الاتحاد الأوروبى، والمنافسة الاقتصادية الأوروبية الناجحة. وعكس مجتمعات مثل تونس والمغرب المنفتحة ثقافياً على أوروبا القريبة. ولذلك تلقى أردوغان كثيرا من الانتقادات بل والشتائم عندما أعلن فى القاهرة أن العلمانية لا تعنى الكفر، وأن إسقاط الحكومات مكانة البرلمان وليس الشارع، ولذلك أيضاً أغفل الغنوشى وبن كيوان الملفات الهامشية المتعلقة بالحريات الشخصية، والتعامل مع السائحين وفرض الحجاب بالقوة، وشواطئ المايوهات، إلى آخر هذه الانشغالات المتعلقة بأشكال «الكبت المجتمعى»، واتجهوا إلى طريق بناء الدولة الحديثة، فيما غرقنا نحن حتى آذاننا فى مثل هذه القضايا التى تؤخر ولا تقدم، بل وزدنا على ذلك بتخوين بعضنا بعضاً، وصولاً إلى مطالبة مهدى عاكف المرشد السابق للإخوان من لا يعجبه حكم الجماعة، أن يترك مصر بالسلامة.
إذن نحن أمام مقدمات تشير كلها إلى انتقال سلطة حماس إلى القاهرة، بشكل أو بآخر، إذا افترضنا نجاح الإخوان فى حصد المزيد من المقاعد فى المرحلتين الثانية والثالثة، والحصول على تمثيل ملحوظ فى الحكومة، وعندها ستنكفىء مصر من جديد فى حقبة لا يعلم مداها إلا الله.