د. فتحى حسين

إشكالية صعود الإسلاميين!

الخميس، 15 ديسمبر 2011 10:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يظن البعض – وليس كل الظن إثماً – أنه بمجرد صعود التيار الإسلامى أو المتأسلم كما يقولون، سوف يشكل وبالاً على بلادنا وتهديداً لأمنها القومى، وقد ساق أصحاب هذا الرأى فى ذلك عدة أسباب، بعيداً عن المرأة وصوتها وحجابها وغيرها من الأشياء المعروفة، من بينها رفض التيار الإسلامى "الإخوان المسلمين والسلفيين"، لمعاهدة السلام مع إسرائيل المبرمة فى عام 1977، مؤكدين أن نقض هذه الاتفاقية مع الكيان الإسرائيلى هو الحل الذى ينبغى تحقيقه عقب صعود الإسلاميين لتولى الحكم فى مصر.

فإذا حدث ذلك وطالبت الأغلبية الإسلامية فى البرلمان بإلغاء هذه الاتفاقية، فإن هذا سيعنى عدة كوارث، من وجهة نظرنا، أهمها أن إسرائيل - ومن ورائها أمريكا - سوف تعتبر هذا الصنيع بمثابة إعلان الحرب على مصر، مستغلة حالة الفوضى والانفلات الأمنى وحالة عدم الاستقرار بالبلاد، حتى بعد تشكيل حكومة الجنزورى.

كما أن نجاح أى تجربة لصعود الإسلاميين فى بلاد أخرى لسدة الحكم، ليس بالضرورة نجاحها فى مصر، كما فى باكستان وتركيا والمغرب وغيرها، فشعب مصر الذى لا يمكن أن يتكيف مع أحكام الإسلاميين وفتاواهم المتشددة التى تصل إلى حد تحريم السياحة مثلاً، وفيما يتعلق بخلط الدين بالسياسة.

فإذا كان الدين الإسلامى يتداخل فى كافة النواحى الحياتية، وهذا شىء لا يمكن أن نختلف حوله، ولكن عملية إقحام الدين فى السياسة هو غير المحبب على الإطلاق، لأن السياسة تعرف بأنها فن الممكن أو فن المفاوضات وليس بها قيم أو أخلاقيات أو وازع دينى، ويسودها دائما النفاق بعكس الدين، ومشكلة الإخوان أنهم جماعة دينية اشتغلت فى السياسة منذ عام 1928 حتى الآن.

وعندما قامت الثورة فى 25 يناير لم يشاركوا فيها إلا عندما تأكدوا من نجاحها تباعا، ثم أنشأوا لأنفسهم حزباً سياسياً بعد 83 عاماً من الحرمان، بينما السلفيون من المتشددين إسلامياً، فلم يكن لهم أى دور فى الثورة على الإطلاق، وكانوا قبل الثورة يعملون فى الخفاء، ويسعون إلى نشر فكرهم المتشدد عبر التمويلات المتدفقة إليهم من الخارج، وكذلك الإخوان الذين حصدوا الأغلبية البرلمانية بمخالفة شروط وقوانين الدعاية فى الانتخابات ثم يطالبون المجلس العسكرى بتشكيل الحكومة وتشكيل الجمعية التأسيسية من البرلمان فقط، وإلا لم يشاركوا فى المجلس الاستشارى الذى دعا إليه المجلس العسكرى، والذى أطلق عليه البعض من خبراء السياسة، أمثال حسن نافعة فى مقاله بالمصرى اليوم مؤخرا بلجنة السياسات الجديدة، على غرار لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل التى كان يرأسها جمال مبارك.. لذلك فالدين له مجاله والسياسة لها مجالها، وكل منهما يشبه الماء والزيت، فلا يصح أن يجتمع الاثنان أو بالأحرى يختلط الاثنان.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة