فاضت الدموع فى عينى الرئيس التونسى المنتخب المنصف المرزوقى أثناء أدائه القسم واليمين الدستورية أمام المجلس التأسيسى، وأثناء تعهده بالوفاء لشهداء ثورة الياسمين الذين قدموا أرواحهم فداء للحرية، والتغيير والعدالة الاجتماعية فى تونس الجديدة، بعد إزالة حكم المخلوع الهارب بن على.
أقسم المرزوقى بأن يكون وفيا للشهداء الذين لولاهم ولولا تضحياتهم ماكان موجودا فى المكان، وما كان رئيسا منتخبا، بعد أن كان مطاردا منفيا، ومحاصرا فى عهد النظام السابق. أقسم بأن يحافظ على المصالح الوطنية ودولة القانون والمؤسسات، وبأن يكون رئيسا لكل التونسيين، وتعهد بضمان الحق فى الصحة والتعليم وحقوق المرأة.
أقسم الرئيس التونسى المنتخب أيضا أمام المجلس التأسيسى الذى يمثل الغالبية فيه التيار الإسلامى بأنه لن يتوانى فى بناء تونس دولة حرة قوية «مدنية» على أسس ديمقراطية ومجتمع تعددى متسامح تكتسب فيها مفاهيم العدل والحرية.
هذا هو قسم المنصف المرزوقى الذى فاز بالمنصب بأغلبية 153 صوتا من أصل 202 صوتا فى المجلس التأسيسى، وإنه قسم لو يعلم أهل السياسة والتيارات الدينية فى مصر.. قسم عظيم، ورسالة لأولى الألباب، لعلهم يتفكرون فيما قاله المرزوقى أمام أعضاء حزب النهضة الإسلامى الذى فاز فى الانتخابات الأخيرة بـ89 مقعدا فى المجلس التأسيسى.
المرزوقى - 66 عاما - ينتمى للتيار الوطنى التونسى، وكان قد أعلن تحديه بالترشح أمام الرئيس المخلوع زين العابدين بن على، فقرر إبعاده ونفيه وسجنه، ولم يطلق سراحه إلا بعد تدخل المناضل الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا شخصيا، لكنه استمر فى النضال، وأسس اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ثم أعلن عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية لمقاومة الفساد والاستبداد، والمطالبة بإسقاط النظام. أصدر بن على ضده حكما بالسجن، لكن بضغوطات دولية رحل مجبرا عن تونس ليعود بعدها إلى تونس مع الشرارة الأولى للثورة.
الوفاء والعهد للثورة ولأهدافها لا يأت من فراغ لدى المنصف المرزوقى أو غيره من التيارات الوطنية والدينية التونسية، فالفضل يرجع لثورة الياسمين، لذلك فالكل فى تونس تحت راية الثورة والنشيد التونسى أخوة يتفقون فى المصلحة العليا ويختلفون فى التوجهات والأفكار على أرضية الحوار البناء لا على أرضية الإقصاء والتكفير والترويع.
قسم الرئيس التونسى المنتخب المنصف المرزوقى للشهداء وللثورة ولتونس الحرة المدنية الديمقراطية، قسم لو تعلمون عظيم.