أحتار الرأى العام المصرى من الآراء التى أعلنت بشأن مجلس الشعب القادم ما بين رأى ينكر أنه يمثل الشعب المصرى تمثيلا صادقا أو كاملا، ورأى يرى أنه برلمان سوف يتسلم السلطتين التنفيذية والتشريعية، وذلك عقب صدور مؤشرات ونتائج المرحلة الأولى التى شملت 9 محافظات انتهت إلى تقدم حزب الحرية والعدالة وحزب النور وحصولهما معا على نسبة %61 وهو مايشير إلى سيطرة كاملة بأغلبية ساحقة تقترب من أغلبية الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل.
بصرف النظر عن الخروقات والانتهاكات التى صاحبت هذه العملية، إلا أن النتيجة النهائية المعلنة تؤكد الأغلبية للحزبين الدينيين، مما أدى إلى صدور هذه الآراء التى تشكك فى تمثيل البرلمان للشعب المصرى، وهو أمر يصطدم بشكل أساسى بأهم قواعد الديمقراطية التى تقوم على قاعدة أساسية وجوهرية هى الاحتكام إلى صناديق.
على الجانب الآخر، صدر رأى يمثل حزب الحرية والعدالة يتحدث عن صلاحيات هذا البرلمان وأهم ما عرض فى هذا الاتجاه، وهو الحديث عن صلاحية تشكيل الحكومة الجديد بعد اكتمال الانتخاب فى الجولات الثلاث، كما أثير- أيضا- موضوع اختيار اللجنة التأسيسية أو بمعنى آخر الحديث عن الحق المطلق للبرلمان فى اختيار لجنة وضع الدستور، وهنا يدق الخلاف بين اتجاهين أساسيين، اتجاه يرى أن هذه الانتخابات يترتب عليها تشكيل الحكومة وانتخاب اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. ورأى يرى أن المجلس ليس من صلاحياته انتخاب حكومة، وهو يستند إلى أننا مازلنا نظاما رئاسيا، وليس برلمانيا، وبالتالى فإن رأس السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية، وهو يشكل الحكومة باختيار رئيس الوزراء ووزراء يساعدون فى ضبط السلطة التنفيذية، كما كان سائدا فى النظام القديم وهو النظام الجمهورى الذى يقوم على مبادئ أساسية، وهى الفصل بين السلطات.
ونحن هنا نستند إلى الإعلان الدستورى الذى صدر فى 23 مارس 2011 استنادا إلى الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير، وكذلك نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور الذى جرى فى 19 مارس 2011 لذلك لا يجب أن نفسر أو نجتهد فى وجود نص يحدد لنا الطريق فى هذه الأوقات الدقيقة، فقد حدد الإعلان الدستورى صلاحيات مجلس الشعب المنتخب فى المادة 33 وهى تنص على «يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية».
إذن ليس من بين الاختصاصات تشكيل الحكومة ولا حتى إعطائها الثقة قبل تولى السلطة وكل ما للمجلس هو تولى الرقابة بإداراتها المعروفة والتى من بينها الاستجواب لكى يتم سحب الثقة من الحكومة بناء على هذا الاستجواب، إذن الرأى الذى قال إن الحزب صاحب الأغلبية أو الأحزاب صاحبة الأغلبية تشكل الحكومة لم يقرأ الإعلان الدستورى الذى أصبح هو الحاكم والمنظم لكل السلطات فى الدولة المعقودة للسلطة التنفيذية التى من بينها إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وإمداد مشروعات القوانين ومراجعة تنفيذها، وكذلك اللوائح التنفيذية وإمداد مشروع الموازنة العامة للدولة، وكذلك الخطة العامة للدولة، وأخيرا ملاحظة تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الدولة وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة العليا.
من هنا نقول: إن النظام السياسى لايزال هو النظام الرئاسى الذى يفصل فصلاً حاداً بين السلطات، وليس هناك أى مشروعية أو إسناد قانونى لأحقية مجلس الشعب فى تشكيل الحكومة، فلا يزال هذا حقا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية.
وأخيرا فإن للمجلس أيضا حق انتخاب اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد، لكن يظل مسؤولية الرئيس باعتباره لديه حق الحفاظ على النظام الجمهورى، ومصالح الدولة العليا، أن يساهم بوضع قواعد التمثيل ولو بشكل استرشادى، لكى تمثل اللجنة الدستورية كل فئات الشعب المصرى، ويمكن أن تتفق الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان بأن توافق على هذه القواعد، والتى لا يجب أن تخضع لقواعد الأغلبية، وإنما التوافق لمستقبل مصر مرهون بأن يعيد المرحلة الانتقالية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بصرف النظر عن الموقف السياسى، وعدم تصلب المواقف، وخلق أزمة، واستعجال الصدام الذى قد يكون خطا تاريخيا لن يغتفر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م/احمد
اوافقك في بعض ما قلت و اختلف في بعض
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو زياد
الامارات
عدد الردود 0
بواسطة:
محسن عبد الرحمن
لن يتغيروا أبداً