الأصل فى أى فكر أنه يبتغى صلاح المجتمع ورفعته، ولولا أن به بعض القبول لما رأى النور أصلا، ولم يكن ليعتقده أى شخص، فما بالنا بالأفكار التى يدفع معتنقوها حياتهم ثمنا لها؟ وما بالنا أيضا بالأفكار العظيمة التى تنشئ أمما، وتبنى حضارات، وتؤسس ممالك وبلادا، لكن الخطر كله أن يتحكم فكر واحد فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ذلك لأن الظروف تتغير، والطبيعية التراكمية للأحداث قد تحكم بفساد الفكر المهيمن على المجتمع، كما انهار الاتحاد السوفيتى عندما تمسك بالشيوعية وحدها، وكان فى ذلك مقتل الشيوعية فى العالم، كما انفجر متظاهرو «وول استريت» إيذانا بانهيار الولايات المتحدة الأمريكية، هربا من تحكم الرأسمالية المقيت، وكان من الممكن أن يتبادل أصحاب الأفكار والنظريات المختلفة الأدوار ولو قليلا، متجنبين بذلك انهيارا محدقا، أو محتملا.
هذا ما وعته البشرية عبر خبراتها الممتدة لآلاف السنين، لذلك أصبحت حرية الفكر وحرية التعبير من مقدسات المجتمع البشرى، غير أن بعض المغالين المتطرفين، يحاولون أن يتخذوا لطغيانهم ستارا، فمرة يلتحفون بوشاح الوطن مدعين أنهم حماته وسادته، ومرة يتخذون الدين درعا وسيفا يصدون به من يهاجمونهم، ويصرعون به من ينازلهم، ولم يترك الطغاة بابا لاستغلال الناس إلا وطرقوه، ولم يكتشفوا لتسلطهم طريقا إلا وسلكوه.
كل ما فى الأرض يدل على أن الله سبحانه وتعالى بنى الحياة على التعدد والتنوع وعدم الأحادية، لكن لا وقت للتفكر فى خلق الله، عند من يريد التسلط ليسيد أحاديته، وفقره الفكرى والنفسى، يجتهد المتطرفون مستخدمين أقذر السبل، وأهونها، ليكونوا متسلطين على رقاب العباد باسم الله، حتى ولو بالمخالفة لمشيئته وسنته فى خلقه، ويقابلهم فى التطرف دعاة الانحلال والتفكك الأخلاقى، ويؤدى هذا الصراع غير الشريف إلى تشرذم المجتمع وتفككه، بدلا من اتحاده نحو الأهداف النبيلة وتماسكه.
يحتاج المجتمع ـ الذى سمى مجتمعا لأنه يجمع المختلفين ـ إلى شريحتين بشريتين، تضمنان وجوده من ناحية، وتجدده من ناحية أخرى، فلا غنى عن المحافظين سواء كانوا دينيين أو أخلاقيين أو تقليديين، لكى يحافظ على بنيته من التفكك، كما يحتاج إلى المتحررين والمعارضين، لكى يضيفوا إليه أنساقا سياسية جديدة، ضمانا لتطوره، وإن أجهزت الفئة الأولى على الثانية، خسر المجتمع من يجدد دماءه، وإن أجهزت الفئة الثانية على الأولى فقد تماسكه وبنيانه، ولهذا اخترع البشر ما يسمى بالعقد الاجتماعى الذى ينظم العلاقة بين المختلفين، ويحافظ على بنية البلد وتاريخها وهويتها، كما يضمن للمخالفين حريتهم، والجميع فى حب الوطن متساوون.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
انشر
لا أحد من الإخوان أو السلفيين ينكر التعددية السياسية
عدد الردود 0
بواسطة:
د. تامر
السلفية هى الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad abdelaziz
مجرد افتراض
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed hamdeen
ربنا يهديك
ربنا يهديك وتحترم رغبة الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
أي حاجة
إلى رقم 3
لا تتهم أحد بدون دليل. هذه نفسها جريمة.
عدد الردود 0
بواسطة:
إلى رقم 5
جاء بها من كتب بعض من كتبها كتبوا أعظم كتب عن الدين بين أيدينا الآن
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
لو أن هناك من يتدبر
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله
المبادئ فوق الدستورية