«من يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة هو مجنون «كونفوشيوس»..
غريب أمرنا نحن البشر نحمل العديد من التناقضات داخلنا! نحمل الحب والكراهية، الصدق والكذب، الجمال والقبح، نعيش داخلنا شخص وخارجنا شخص آخر.. ندعى الإيمان وأعمالنا ضد الدين، ندعى حب الجميع ولدينا ميراث من الكراهية قابع داخل كل نفس منا.. نعيش فى «برادوكس» أى ازدواجية بين واقع أليم وتصورات جميلة، ندعى أننا نملك صحيح الدين ونعيش التدين الخاطئ.
تذكرت كم هى متناقضات البشر خاصة بعد تحليل فترة الانتخابات الأولى والإعادة.. رأيت.. سمعت.. شاهدت كم التناقضات فى سلوك البشر، تملكتهم براجماتية ذاتية
أصبحوا ميكافليين أكثر من ميكافيللى نفسه، وشاهدنا شعار الجميع «اللى تغلب به العب به» ومن الغريب ادعاء الكل الحقيقة المطلقة، فصار المخالف فريسة سهلة يحاول النيل منه بكل الأساليب، وابتعد الجميع عن الدين السليم بل أيضا انحرف الكود الأخلاقى للبشر فاستوحش بنو البشر ونافسوا فى ضراوتهم وشراستهم الوحوش الحقيقية.
يؤكد الشرقى دائماً أنه يعيش برادوكسا تامة بين أقواله وأفعاله، ولبس واضح بين الدين والتدين، فالدين قواعد منظمة للتعامل بين البشر، أما التدين فهو تطبيق لهذه القواعد فى سلوك حى معاش، الدين هو رسالة حب الخير للبشرية، فى حين أن التدين هو انحسار الحب، وللأسف تحول الدين عن غايته السمحاء فبدلاً من أن يجمعنا نحن البشر أصبح يفرقنا، وانحرف التدين- فى معاملات بعيدة عن الصدق والمعاملة الشريفة- إلى تعصب دموى مقيت!! بكل تأكيد العيب ليس فى الدين، بل فى التدين الخاطئ.
ومن غريب أفعال البشر تسخير الدين كمطية للنيل من بعضنا البعض واعتقاد الجميع منا بأننا نملك الحقيقة المطلقة، فحولنا رسالة الدين من سلام وحب وتآخٍ إلى تناحر وبغضة واقتتال، وشوهنا كل شىء جميل.
وللرجوع إلى الصورة الجميلة التى خلقنا الله عليها؛ علينا التعامل بالكود الأخلاقى، ربما يسود السلام مصرنا الحبية وربما العالم أجمع، ربما يساهم الكود الأخلاقى فى عودة روح الوئام بين بعضنا البعض.
بالطبع، هذه ليست دعوة للبعد عن الدين، بل دعوة للمراجعة لمعرفة من المسؤول عن تأطير صورة الدين فى تدين شكلى بعيد عن الجوهر الصحيح. ربما يساهم الكود الأخلاقى فى لم شمل أبناء مصر بدلاً من التطاحن إلى التآخى، بدلاً من التكفير والفرقة إلى الإيمان والوحدة. ربما نتجرأ بعد ذلك على إعلان الحقيقة، أن الدين فرقنا والكود الأخلاقى جمعنا.
ترى هل هذا ممكن التطبيق على أرض الواقع فى مصرنا الحبيبة أم أن الجسد المصرى نخره السوس وتآكل بفعل سرطان الكراهية ولا أحد يرى سوى نفسه الأصدق.. الأصح.. الأعقل؟.. وهنا مكمن الخطورة.