مرة أخرى وقعت اشتباكات بين متظاهرين أو معتصمين من ناحية، وبين قوات الجيش والشرطة من ناحية أخرى، فى شارع «قصر العينى»، مما خلف ضحايا، ومصابين، وخسائر فى الممتلكات، وشعورًا سلبيّا بالاحتقان والغضب والقلق.
مرة أخرى تعلن الإدارة السياسية للبلاد أن قوات الجيش والشرطة لم تستخدم العنف، وأن النيابة العامة تجرى تحقيقات موسعة، وأتوقع - حتى كتابة هذه السطور - أن تشكل لجنة تقصى حقائق، وقد يخرج علينا من يقول إن هناك «طرفًا ثالثًا»، وهو النهج الذى يتبع فى كل الأحداث المشابهة من العباسية وماسبيرو والتحرير ومحمد محمود، وأخيرًا قصر العينى.
لماذا فى كل حادث تسيل الدماء؟ ولماذا ينتهى الحادث فى كل مرة بتحقيقات لا نعرفها، وطرف ثالث لا يعلن عنه، ولا نتبين هويته؟ ولماذا لم يُقدم يومًا «الطرف الثالث» للتحقيق والمحاكمة؟
أسئلة صعبة تبحث عن إجابة.
فى الحادثة الأخيرة «قصر العينى»، سالت الدماء، وجرى استخدام مفرط للقوة فى مواجهة متظاهرين أو معتصمين، ولكن لا أفهم كيف يقوم متظاهر «سلمى» بحرق مبنى «المجمع العلمى»، مما أدى إلى تدمير تراث مصرى لا يمكن استعادته؟ ولا أفهم أيضًا أن تستخدم «زجاجات المولوتوف»؟ هل يستخدمها المتظاهرون «السلميون» أم أن هناك من أتى بها من خارجهم مثل «أرغفة الحواوشى المسممة»؟ هل هذه الحادثة «عفوية»، اشتعلت نتيجة سوء إدارة الأزمة، أم أنها «مخططة» لإحداث انفلات وفوضى، خاصة بعد أن دارت ماكينة العمل الحكومى «نسبيّا»، واشتد عود الأمن فى الشارع «نسبيّا»؟
لا أريد أن يمر حادث «قصر العينى» مثلما مر غيره من الأحداث، خلفت ضحايا وغموضًا فى الوقت نفسه، ولا يشغلنى تحركات أعضاء «المجلس الاستشارى» بين استقالة أو بقاء مشروط، ولكن ما يشغلنى أن نعرف من يحرك الأحداث الدامية فى المجتمع المصرى بوتيرة متسارعة، ثورة 25 يناير ليس لها رأس، ولكن على الأقل لها جسم، ما يحدث ويتراكم من أحداث يثبت أن الثورة المصرية لم يعد لها جسم أو رأس، الشباب مفجرو الثورة يشعرون بالضياع ويشككون فى بعضهم البعض بعد أن قفزت النخبة التقليدية على المشهد السياسى، وحصد مقاعد البرلمان بعض ممن كانوا ضد الثورة، وصالوا وجالوا الفضائيات وشاشات التليفزيون يحذرون من المشاركة فى الثورة بدعوى رفض الخروج على الحاكم، والشباب الذى يحتجون فى ميدان التحرير وتوابعه لا يمثلون الثورة، والمجلس العسكرى الذى كان ينظر له فى البداية على أنه «حمى الثورة» تحت شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»، نسمع من كان يقول ذلك يروج الآن أن الجيش لم يحم الثورة، بل أكثر من ذلك يرمونه باتهامات قاسية بالتحالف مع الإسلاميين أو حماية عناصر الثورة المضادة، الدكتور كمال الجنزورى يرى أن ما يجرى ليس هو الثورة، ولكنه انقلاب على الثورة.
هكذا تبدو الثورة بلا صاحب، الكل يدعى أنه صانع الثورة، والكل يخون ويشكك فى الكل فى استدعاء مباشر لنموذج «جون هوبز» حرب كل واحد ضد كل واحد، ولكن لا ننسى أن «جون هوبز» بعد أن طرح نموذجه بشر بالحكم المطلق المستبد كى يحافظ على المجتمع، ويطرد الشعور بالخوف من نفوس الناس.
أى حكم مستبد ننتظر حتى ينتشل المجتمع من الفوضى الميدانية، والفوضى الفكرية، والفوضى الاجتماعية، هل «استبداد دينى» أم «استبداد سياسى» أم «استبداد عسكرى»؟ هل مصر ينبغى أن تحكم باليد الحديدية، ولم تُخلق للديمقراطية؟ لا أعرف.
قالوا قديمًا إن هناك «دولة نهرية» فى مصر تحكم بالمركزية السياسية، حتى لو أصابها شطط الاستبداد، ثورة 25 يناير أسقطت هذه المقولة، ولكن اليوم تعيد «الفوضى» للاستبداد «قبلة الحياة».
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن فلسطين رام اللة
نعيش لمصر ونموت لمصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الطرف الثالث
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى محمد مصطفى
مولد بلا صاحب