حنان حجاج

الثورة الفقيرة.. مستمرة

الجمعة، 02 ديسمبر 2011 03:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ستظل الثورة مستمرة فى الشوارع والميادين، وسيظل أيضا الحالمون بالاستقرار من «المواطنون الشرفاء» يصرخون عبر مداخلاتهم التليفزيونية الدامعة، مطالبين بالكف عن التظاهر والعودة للعمل، وطلب الأمن والأمان، وسيظل شباب الثورة والمؤمنون بها - كما هم - قابضين على جمر أحلامهم المحلقة بعيداً عن سقف مطالب البسطاء ممن يتم إعطاؤهم جرعة الإعلام الرسمى اليومية «الأمن والاستقرار».
المشهد كما هو تماما رغم «عرس الديمقراطية» الفاخر الذى أنفق عليه عشرات الملايين فى الدعاية والإعلانات والسيارات واللجان الإلكترونية أمام مقرات الانتخاب لتقديم خدمة متكاملة بدءا من تحديد مكان اللجنة ورقمها، وصولا للرمز الذى يجب أن تختاره النساء الفقيرات الأميات فى ريف وصعيد مصر وحتى أحياؤها العشوائية الغارقة فى مياه أمطار الاثنين الماضى، فوسط مهرجان الدعاية الفاخرة «بلا سقف بمخالفة صريحة للقانون» للمتنافسين سواء الإخوان المسلمون أو الكتلة المصرية أو السلفيون أو الوفد، كان شباب الثورة الحقيقيون كأنهم أبناء البطة السوداء الذين اكتشفوا أنهم نزلوا لأرض غابة عملاقة يحكمها المال والنفوذ والتاريخ السياسى الطويل حتى لو كان زائفا.
كانت حملة انتخابات الثورة مستمرة والتى تضم رموزا محترمة ونقية من شباب ثورة يناير أفقر من أن يلاحظها المواطن العادى، فلا هى تضم نجوما لامعين فضائيا يتذكر الناس وجوههم، ولا أغنياء يملكون أن يقدموا أنفسهم كأبطال حقيقيين للثورة لم يكن شباب «الثورة مستمرة» يملكون سوى أحلامهم وأسمائهم التى نعرف بعضها ونجهل أكثرها.. قائمة بسيطة تحمل أسماء كلها من أبطال الثورة والحالمين بها، لكن أين يذهب الحالمون وسط غابة قناصى السياسة البارعين من أغنياء ومليارديرات الإخوان وأصحاب شركات المحمول والمقاولات وأصحاب أموال النفط ورجال أعمال عصر مبارك بل نصادر على حقهم فى أن يشاركوا فى صنع مستقبل مصر وعلى الشارع أن يختار ولكن من حق الفقراء والحالمين أيضاً أن يشاركوا فى صنع هذا المستقبل خاصة لو كانوا هم من هدموا الماضى الفاسد بمعاول إرادتهم ودماء أصدقائهم التى سالت وأرواح رفاق الميدان التى أزهقت.
ذهب بلطجية انتخابات مبارك ولكن بقيت الأموال المتدفقة كما هى ولم يسأل أحد المرشحين الكبار كم أنفقوا، وأتحدى أن يكون أى منهم قد التزم بسقف الـ500 ألف جنيه التى يسمح بها القانون، ويكفى أن أحد الفلول على سبيل المثال، وبعد حكم المحكمة الأول باستبعاد الفلول، خرج صارخا أنه أنفق خلال الأسبوع الأول لانطلاق حملة قائمة حزبه ثمانية ملايين جنيه، ولن يمنعه أحد من الانتخابات، الأغنياء أحزابا وأفرادا تقدموا الصفوف ممتطين أحصنة أموالهم المزينة بشعارات ثورة الشباب ليتصيدوا الأصوات والمقاعد، بينما ظل فقراء السياسة من شباب الثورة مجرد «كومبارس» يحاولون أن يجدوا لهم دورا على المسرح الممتلئ بالنجوم، ويبدو أنهم مازالوا بعيدين عن حلمهم، لكن رغم ذلك ستبقى الحقيقة والتاريخ ليشهدا يوما أنهم كانوا الأبطال الحقيقيين للمشهد، فالمال يصنع الكراسى والحصانة، لكنه لا يكتب التاريخ.. ودائما للحياة دورتها وللحق أصحابه، وإن غدا لناظره لقريب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة