كل الناس يبحثون عن السعادة فى أعلى درجاتها وبكل أشكالها. لقد جاءت الأديان فى كل العصور لتدل الإنسان إلى أنجح السبل للوصول إلى السعادة الدنيوية والأخروية. السعادة هى ببساطة فى القرب من الله الرحمن الرحيم فى الدنيا عن طريق العبادات والشعائر ليتذوق العبد البعض القليل مما قد يشعر به من السعادة الأخروية بعد قيام القيامة وبعد الحساب وبعد أن يصبح من زمرة الناجين. أما السعادة الكاملة التى لا مثيل لها ويتشوق العبد لها فهى فى النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى وهو راض عن عباده. ما أعظم ذلك وما أروعه! إنه يجعل العبد يبكى من الغبطة ويجعل القلب ينفطر من الحب.
بعد أن نضجت البشرية وعلمت بالرسالات السابقة وما حل بالأقوام الذين أصروا على مخالفة تعاليم الله الرحمن الرحيم لتحقيق السعادة لهم على الأرض وفى الآخرة جاء الإسلام الذى بشرت به الأديان والتعاليم السماوية. إنه الرسالة الخاتمة الكاملة التى تأتى للإنسان بسعادة الدنيا والآخرة. فخلص الإسلام الإنسان من السحر والشعوذة والأصنام ومن الرق ومن تسلط الأغنياء على الحياة وذلك بأن يدفعوا الزكاة وبالصدقات. جلب الإسلام السعادة للإنسان بالوقوف خمس مرات أمام الله سبحانه وتعالى فى خشوع وحب وطهارة من كل النواقص ومن كل ما يفسد القرب من الرحمن الرحيم.
الإسلام هو سعادة الدنيا والطريق إلى الجنة ففى الوضوء سعادة وطهارة. الإنسان ينتشى وهو يتوضأ لأنه يتطهر ويستعد للوقوف أمام رب العزة وينتشى القلب لأن الوضوء إضاءة بسيل من الأنوار حتى يستقبل العلم والأنوار والرحمات من رب السموات والأكوان كلها. أما الصلاة فهى تلخص كل العبادات التى تبعث الحياة والسعادة فى الإنسان. ففى الصلاة يقرأ العبد القرآن وفى الصلاة يناجى العبد ربه، وهذا عين المنى، وفى الصلاة يتوجه العبد جسدًا إلى الكعبة وهذه إشارة إلى الحج وما فيه من قرب ومغفرة. وفيها الصيام عن الأكل والشرب وعن الكلام الدنيوى، وفيها الصيام عن كل فكر يغضب الله سبحانه وتعالى. أما الصوم فهو مطهر ومربٍّ لنوازع الخير ومهذب للأخلاق ويفتح بحورًا من الذكر والذكر سعادة لا نهاية لها.