د. بليغ حمدى

إخوان وسلفيون وشيعة كمان!

الأحد، 25 ديسمبر 2011 01:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قررت أنا ومجموعة من المهمومين ـ أى المهتمين ـ بحالة مصر الراهنة أن ننشئ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعى الفيس بوك تقيم حالة من الحوار المستدام حول كيفية فك العمل الذى صنع خصيصاً لمصر، وهو صناعة غير صينية هذه المرة، فالصين دولة تعمل وتبحث وتميل للحركة التى لا يتبعها السكون والخمول والكسل، لكنه مما لا شك فيه عمل محلى الصنع، ولأننى وغيرى من أصحاب الصفحة لا نعلم الرجل أو المرأة التى عقدت هذا العمل لمصر، فقررنا مشاركة القراء أيضاً فى البحث عن مكان العمل السحرى الخبيث وصانعه والذين ذهبوا إلى صانعه من أجل إعدادة.

فما أن هدأت المرحلة الأولى من الانتخابات على خير وسلامة وكانت التوقعات فى محلها بأن التيارات الإسلامية ستحصد عدداً لا بأس به من مقاعد البرلمان القادم، حتى عادت جماعة الإخوان المسلمين من جديد لتكشر عن أنيابها فى وجه النظام الساسى، أى نظام سياسى، وهذه المرة تمثل النظام السياسى فى المجلس العسكرى الذى أقر بعض أعضائه بأنه لا يجوز للأغلبية البرلمانية أن تشكل الحكومة الجديدة، رغم أن الحكومة الحالية نفسها لم تستطع حتى اللحظة الآنية دخول مقرها الرئيسى، ومع ذلك قرر الإخوان فجأة توالى الأيام والليالى المقبلة وقاموا بإنهاء عمل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور كمال الجنزورى التى لم تبدأ عملها بعد.

ولكن طبيعة العمل السياسى لجماعة الإخوان المسلمين تفرض عليهم تاريخياً استشراف المستقبل واستباق الأحداث ومن ثم فإن رهان الصدام مع النظام السياسى أمر متوقع لا يعتريه الغموض أو الشك أو التكذيب، وقديماً كنت أتعجب كثيراً من أن المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ـ والذين تربطنى بهم حتى كتابة هذه السطور صداقة عميقة بل أعترف بأننى تتلمذت على أيدى بعضهم أثناء دراستى الجامعية وما تلتها من دراسات عليا حتى الحصول على درجة الدكتوراه ـ رغم إنهم يتمتعون تاريخياً بسمات الصبر والانتظار والترقب لما فرضته عليهم الأنظمة السياسية قديماً من حظر ومنع وغياب طويل، إلا أنهم فى الفترة الأخيرة تخلوا عن هذه السمات التى ميزهتم كحركة سياسية ذات مرجعية دينية، فقديماً كانت الجماعة تنتظر الأحداث ولا تصنعها أما اليوم فالرفض أصبح جاهزاً والتصادم المباشر بات سلاحاً حصرياً تستخدمه الجماعة وحدها دونما منازع.

وأنا أرى أن جماعة الإخوان ترتكب خطأ سياسياً سيجله التاريخ، وهذا الخطأ سيتمثل فى الأيام المقبلة حيث ستهتم الجماعة بقضية تشكيل الحكومة التى بلا شك ستهرب من بين أناملهم مرور الماء، وسيغيبون طويلاً فى حضرة تعديل الدستور والذى لن تعدله الأغلبية، وهذا بالتأكيد سيعود سلباً على الاهتمام بالإعداد للمراحل المتبقية من الانتخابات البرلمانية وهذا أمر أراه متوقعاً لا يعلمه إلا مالك الغيب والشهادة الرحمن الرحم.

لكن لسبب أو لآخر سيتوقف قطار الإخوان أكثر من مرة فى الجولات المقبلة للانتخابات لأنهم سينشغلون طويلاً بتشكيل الحكومة وتعديل الدستور وربما الاعتراض على المجلس الاستشارى وصلاحياته وأعضائه وانتماءاتهم المتباينة.

وما أن نفرغ من إخواننا الإخوان حتى نكتشف أن أصدقاءنا السلفيين يحصدون نجاحهم غير المتوقع فى الجولة الأولى من الانتخابات، وهذا سيدفعهم إلى مزيد من العمل والدعاية والاهتمام بحشد المواطنين للإدلاء باتجاههم، والمهمة أعتقد أنها لن تكون سهلة فى الجولات المقبلة، فالمواطن البسيط والعادى بدأ يشعر أن هناك مؤسسة تعى أمره أقصد المجلس العسكرى، والمواطن الذى لم يعد بسيطاً ولا عادياً بدأ هو الآخر يدرك أن حكومة الإنقاذ قد تبدو مختلفة عن مثيلاتها التى ذهبت منذ أن أتت، لذا فهو حلم بدولة مدنية لا تقيم محاكم تفتيش على جهاز استقبال القنوات الفضائية الذى يمتلكه، ولا تفرض عليه سياسة لم يشارك فيها ولم يضع حتى خطوطها العريضة.

ناهيك عن فوز بعض الليبراليين والمنتمين للكتلة المصرية فى الجولة الأولى من الانتخابات وذهاب حزب الكنبة الصامت ليعلن نفسه كل ذلك سيمثل تحدياً فى محافظات قد يظن التيار السلفى أنها رهن إشارته وملك يمينه والصناديق ستدلل على ذلك بالإيجاب أم بالسلب.

كل هذا يحدث فى بر مصر وهذا حراك سياسى أراه وغيرى ناجحاً من ناحية الشكل دون الولوج فى مضامينه العلنية والمستترة، ولكن كانت مصر على موعد منتظر لظهور التيار الشيعى فيها من جديد، ومصر بحكم كونها كانت فاطمية لعقود طويلة فهى تحفظ لآل بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - رصيداً كافياً للمحبة والاحترام والتقدير، ولكن الظهور الجديد للتشيع فى مصر فى نسخته بعد الثورة تأبى الاحتجاب ومجرد التشدق بالحكايات والمواقف التى تظهر هذا الولع لأهل التشيع والبيت.

بل تريد أن تقيم شعائرها الشيعية على مرأى ومسمع من الجميع من أهل المحروسة، وليست المساحة كافية لذكر هذه الشعائر التعبدية والتى أتعجب من لفظة شعائر وكأن الإسلام فى شاطئ وأهل الشيعة فى شاطئ آخر ولكن هذه حقيقة ملموسة يمكن أن نراها فى جنوب لبنان وبعض دول الخليج العربى وإيران طبعاً والتى معظمها تختلف عن كنه وجوهر الإسلام عقيدة وشريعة.

وكأن البلاد كانت فى حاجة لظهور جديد، فمصر الآن بها كتلة مصرية وكأننا فى دولة إسكندافية ليست مصرية فالكتلة بالطبع لابد وأن تكون مصرية، وبها الإخوان، والتيارات السلفية، وقوائم الكنيسة المصرية، وشباب التحرير الرافض، وبعد ذلك كنا بحاجة لمولود جديد يطل علينا لينعم الحالة السياسية والدينية والمجتمعية فى مصر.

وربما سيطل علينا بعد أيام وفود جدد من القاديانية والبهائية والبابية وكل منها يريد الحضور الفعال فى الحراك السياسى والاجتماعى فى مصر، وفعلاً كما قال الشاعر أحمد فؤاد نجم مصر يا ولادة، فهى تأبى أن يكون لها وليد وحيد بل هى تتفاخر بالتكاثر والتنوع، ولم يكذب المثل المصرى القديم الذى يفيد بأن الذى بنى مصر كان فى أصله حلوانى، لذا فتجد بها كل صنوف الحلويات وتجد لكل صنف منها من يشتهيها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة