أخلاق للبيع.. أين هذه الأخلاق المصرية الأصيلة؟!.. أين القيم والثوابت؟! وكتب التراث المصرى تحيل لنا عشرات ومئات الأمثلة من عناصر الشهامة والقدوة والقيم النبيلة والأصالة.. والارتباط بالوطن الذى يتجاوز حدود الانتماء إلى التضحية والذوبان فى رمال الأرض المصرية الطاهرة، هذه مصر التى كانت.. فأين مصر اليوم.. أين ذهبت هذه التقاليد؟! لماذا لم يعد هناك الصدق والصداقة والمروءة ومثل هذه الكلمات التى لو ترددت اليوم لصارت مثار سخرية واستهزاء.
القضية لم تعد هامشية أمام جيل جديد أصبح جامداً قاسياً لا يعرف مفردات وأصول وتاريخ شعبنا المصرى الذى يمتلك فولكورا إنسانياً فنياً نادراً شديد الخصوبة ومليئاً بالأسرار الفلسفية والتجارب الحياتية المدهشة، فإذا طبقنا هذه الكلمات على ما يحدث اليوم تجد المقابل هو الخواء.. لا أحد يستجيب ولا أحد يصغى لقد تغيرت السلوكيات المصرية وتبدلت، وحسم الأمر لصالح اللاقيم، لم تعد هناك معانى الوفاء بعد أن صارت المصالح الشخصية هى اللغة السائدة، وقد يرجع البعض ذلك إلى تقلص الموارد الاقتصادية وشدة الأزمة المالية وما إلى ذلك من رواسب التقاليد الغربية على تقاليدنا العريقة، ولا أظن أن أى تبريرات مهما تعالت يمكن أن تغفر سقوط السلوكيات المصرية التى مع انتفائها أصبحنا وكأننا فى غابة مفتوحة، القوى هو الذى ينهش وينال كل الذى يريده والضعيف على الهامش أو تحت خط الحياة، أو تحت خط الموت كلاهما سواء.
أين الشعب الطيب الكريم المشهور بالشهامة والنجابة والعون للمحتاج وغوث اللاجئ. هل كانت حرب السادس من أكتوبر آخر مظاهر هذه الاحتفاليات فى القيم والثوابت والتقاليد.
كانت حرب أكتوبر النموذج الأسمى فى التضجية والفداء والشهامة المصرية وصورة رائدة فى الانتماء.. صورها الجنود المصريون فى أروع مشهد تاريخى لعله يعلم الأجيال حاليا ويستعيد معهم قيماً لم تعد راسخة فى الأذهان.. وهل تبدلت أصوال ومفاهيم مصر لتكون اللاأخلاق هى الأساس.. هل كانت العولمة هى السبب فى تفريغ محتوى آفاقنا من القيم والأخلاق؟!
لا أعرف.. طبعاً يمكن أن نؤكد أن هناك عوامل كثيرة طغت على ثوابتنا فى السنوات الأخيرة بل نقول إنها تمكنت من التأثير على جينات الشعب الطيب.. وكان هذا السائد هو ما نحن عليه فقد طفحت على الساحة أشياء لم نكن نعرفها من اللاقيم واللاأخلاق واللامنطق.. ساد العبث وانتشر اللامعقول وصارت خطيئتنا الكبرى هى تلك التى نعتز بها، انقلب السحر على الساحر.. وانقلبت المفاهيم.. وصارت اللاسلوكيات هى الحل..