سُحلَت فتاةٌ مصرية! وعُريّت عنوةً وجبرًا! ودِيسَ على صدرها بالبيادة الميرى الغليظة! ورُكلَت بالأقدام وضُربَت بالعصا! تحرّكت حرائرُ مصرَ فى مسيرة تاريخية تندِّد بعسس عسكر يمارسون الفاشية ضد شعبٍ أعزلَ، لكنْ كريم، انتفض قبل عام، فى ثورة لم يشهد التاريخُ مثلها، انتصارًا لكرامة المواطن المصرى ابن أرقى حضارات الأرض وانتفضت كذلك مسيراتٌ احتجاجية قُوامُها نسوةٌ من دول العالم «المتحضّر»، رفضًا لإهانة «الجسد»، «قبّة الروح»، حسب التعريف الصوفىّ. بينما ثمة فصيلٌ «مصرى»، أوشك على اقتناص البرلمان، يصدر بيانات تشدّد أن مثل تلك الحوادث «العابرة» يجب ألا تعطّلنا عن سير عملية انتخابية، ستضع أعناق شعب مصر العظيم فى قبضة ذاك الفصيل، إذ لا شىء ثمة يعلو فوق صوت الانتخابات!!
لا تحزنَّ يا حرائرَ مصرَ الشريفات. فلستن وحدكن اللواتى تُهان أجسادهنّ فى العالم. اقرأوا معى من أرشيف الصحف.
فى الولايات المتحدة الأمريكية، عائلةٌ ليبيرية مسلمة تبرأت من صغيرتها «8 سنوات»، لأن أربعة من «الصغار» اغتصبوها! غرّر بها بعضُ صِبية تتراوح أعمارهم بين التاسعة والأربعة عشر قدّموا لها قطعة حلوى واستدرجوها إلى حيث مكان ناء، ثم تناوبوا اغتصابَها! قصة رديئة تشى بأن خيطًا من الجمال والبراءة ينسحبُ من بساط كوكبنا التعس. فالمعتدون ليسوا إلاّ حِملانا صِغارًا تحوّلوا فى لحظة خاطفة إلى ذئابٍ بأنياب بارزة! لكن الموجعَ هو ردّة فعل أسرة الطفلة. إذْ أعلن الأبوان للشرطة، التى ألقت القبض على الجناة، أن الطفلة أساءت لشرف العائلة، وأن لا محلّ لها فى البيت بعد الآن، وعليها أن تبحث لنفسها عن مأوًى! فتولّت أجهزة الخدمة الاجتماعية فى فينيكس الاهتمام بالطفلة!
ونقرأ فى جريدة «عكاظ» بتاريخ 11/8/2008، عن عروس تبلغ ثمانى سنوات، وعريسها الخمسينيّ ذى الزوجتين، وأن الزواج تمّ مقابل سداد ديون والد الطفلة! ونقرأ عن شيخ سبعينى بمدينة «حائل» رضخ لضغوط قضائية لتأجيل دخوله بزوجته، ابنة العاشرة، لمدة خمس سنوات حتى تنضج! ورفض خمسينيٌّ آخر التراجعَ عن قراره بالزواج من طفلة فى السادسة، قائلا إنه لا يرتكب مُحرّمًا، لأن الشرعَ لم يحدد عُمرًا للزواج! وفى الأردن، سنّتِ الحكومةُ قانونًا يرفعُ سنَّ زواج البنات من 15 إلى 18. لكن الموجع أن القطاع النسائيّ فى حزب جبهة العمل الإسلامىّ، هنّ اللواتى رفضن القانون! متعلّلاتٍ بأن ذلك من شأنه أن يزيد مشكلة العنوسة تفاقمًا! وعلى النقيض من ذلك، فى اليمن، تظاهر مئاتُ الفتيات أمام مقر البرلمان فى صنعاء، للمطالبة بتشريع يحدّد سنَّ الزواج بـ18 عامًا، للحدّ من ظاهرة زواج طفلات دون العاشرة بأثرياءَ عجائزَ، يستغلون فقر الصغيرات اليمنيات، فيما يُعرَف بـ«الزواج السياحىّ»! سوى أن نوّابًا أصوليين، وشيوخًا سلفيين، أعلنوا رفضهم ذلك المطلب «الإنسانىّ العادل»، بزعم مخالفته الشريعة الإسلامية! وفى كينيا ثمة قاض متقاعد تملك يمينُه سبعَ زوجات، أنجب منهن خمسين ابنًا، يعجزُ تمامًا عن تذكّر أسمائهم، وطبعًا، تواريخَ ميلادهم وأسماء أمهاتهم! والطريفُ، والموجعُ، أن تلك الزوجات لا يجدن أية غضاضة فى تعددهن، فإن لم يوافقن سيتم تطليقهنّ!
ترويع الأنثى ذاك، ونهش لحم الصغيرات، يحدث قبل حتى أن يتشكّل وعيهن بأجسادهن وحقهن الإنسانىّ فى حياة كريمة. يتم التعامل معهن بوصفهن سلعةً رخيصة، تُباعُ وتُستبدَل ويُتاجَر بجسدها! تُقمَع وتُضرب وتُذلّ، لكن الأخطر دائمًا هو تواطؤ المرأة ذاتها على نفسها! يحدث كل هذا فى أرجاء العالم، فيما دراسةٌ حديثة تتمُّ الآن فى واشنطن بأمريكا، على يد «لورى مارينو» العالمة البيولوجية المتخصصة فى طب الأعصاب والنفسانيّات بجامعة إيمورى الأمريكية، تنادى بالتوقف عن استخدام «الدلافين» كأداة ترفيه مائية. ذاهبةً إلى أن تلك الممارسات تؤذى مشاعرَ تلك الحيوانات الذكية ذات الشخصية! قالت إن توسُّل الحيوان فى متعة الإنسان والترفيه عنه، ليس إلا ممارسةً غير أخلاقية يجب التوقف عنها عالميًّا على الفور، لأن من حقِّ تلك الكائنات الطيبة الحياة باستقلالية وكرامة، دون التعرّض للصدمات النفسية!
وأضعُ على لسان المرأة، «بتصرّف»، بيتيْن من الشِّعر، هتفتْ بهما «ليلى بنت لكيز بن مُرّة»، تستصرخُ أخاها «البرَّاق»، ليدركَها وينقذَها من القهر والاغتصاب على أيدى قُساة القلب تقول النساءُ: «ليت (للأخلاق) عينًا فترَى/ما نلاقى من بلاء وعَنا/عُذِّبَت أختُكمُ يا ويلكم/بعذاب (الفكر) صُبحًا ومَسا». هل تقول النساءُ معى الآن: ليتَ للنساء مثلَ حظِّ الدلافين!